برغم أن المديرية العامة لحرس الحدود جهة عسكرية بحتة، وقد أتمت مئة عام على تأسيسها ومهمتها تتركز في (حراسة حدود مملكتنا الغالية)؛ إلا أن قطاع حرس الحدود في الجهة الشرقية في بلادنا قد تجاوز ذلك إلى نشر ثقافة الوعي لجميع المواطنين مرتادي الشواطئ الساحلية، واختصاص السيدات بالذات وتوعيتهن بمخاطر البحر، وذلك بإنشاء لجنة تطوعية باسم (لجنة السلامة البحرية النسائية بحرس الحدود)، والمكونة من عدد من الطبيبات والمتخصصات في علم النفس والإدارة والإعلام، ممن لديهن الحماس وروح الفريق، حيث يساهمن بتدريب المتطوعات ليكن على أتم الاستعداد لمواجهة المواقف الصعبة، واستشعار حجم وأهمية المسؤولية كمتطوعات وقيمة الوقت، إضافة إلى المحافظة على الأرواح والمقدرات.
وفي حين أكملت هذه اللجنة الفتية عامها الأول، فقد كانت النتائج إيجابية مبهرة، حيث انخفضت حالات الوفاة نتيجة الغرق إلى أكثر من 70%. ففي عام 1430هـ كانت الوفيات ثلاث عشرة حالة في حين تقلصت الوفيات في عام 1431هـ إلى خمس حالات فقط، بفضل الله ثم بالجهود الإعلامية والتوعوية التي تقوم بها المتطوعات من أعضاء اللجنة برئاسة الأميرة مشاعل بنت عبد المحسن بن جلوي. وقد حققت هذه اللجنة في وقت قصير إنجازات توعوية تضاف إلى جهود رجال حرس الحدود البواسل الذين يقومون بمهام البحث والإنقاذ البحري، إضافة إلى الدور الريادي الذي يلعبه العمل التطوعي ويخدم المصلحة العامة لتعميق التكامل بين جهود الناس تشجيع التعاون وتنمية روح الجماعة، والعمل التطوعي يساند مؤسسات المجتمع المدني وبعض الأجهزة الحكومية، ومقتضى الحال يستوجب استمراره لتحقيق المزيد من الإنجازات في المحافظة على الأرواح، وتجنب حوادث النزهات البحرية.
والواقع أن دور حرس الحدود لم يتوقف عند هذه اللجنة الناعمة، ودعمها وتشجيعها، بل تجاوزها للاتجاه نحو الشباب وتخصيص جائزة لأفضل لوحة معبرة عن أهمية السلامة البحرية لجيل الشباب أثناء ممارسة الرياضة أو الرحلات في القوارب، وهو ما يؤكد حرص حرس الحدود على استثمار كل النشاطات والفعاليات والمواهب لإيصال المفهوم النبيل لمصطلح (السلامة البحرية) وغرس أهميته في المجتمع حفاظاً على الأرواح من الغرق. وما تستهدفه هذه الجائزة من استثمار (الفن التشكيلي) للتعبير عن مهمة السلامة البحرية كإحدى القضايا الاجتماعية الهامة، وما يعنيه هذا التوجه بتوظيف الفن في خدمة قضايا المجتمع بالاشتراك مع مجلس التنمية السياحي الذي يحرص على دعم جميع القنوات الداعمة للسياحة بالمنطقة الشرقية.
إن الدور التوعوي الذي يقوم به حرس الحدود يوازي كل الجهود الإنقاذية، حيث يكون الهدف ترسيخ مفهوم السلامة البحرية لدى مختلف فئات المجتمع، ورفع درجة الوعي بخطر الإهمال والغفلة أثناء النزهات الشاطئية، وأهمية المحافظة على الأرواح وخصوصاً الأطفال، وذلك من خلال العديد من المحاضرات والندوات والبرامج التوعوية المتنوعة، إلى جانب توزيع العديد من النشرات والمطويات والملصقات التوعوية والتعريفية والتحذيرية بالمخاطر البحرية وطرق تجنب الوقوع بها من خلال اتباع وسائل السلامة البحرية، والبعد عن السباحة في المواقع الخطرة أو ركوب البحر في أوقات هبوب الرياح والعواصف.
وتحية لحرس الحدود ولجنوده البواسل في شمال البلاد وجنوبها وشرقها وغربها، وتحية أخرى لطلاب معهد حرس الحدود في الرياض الذين أشاركهم -حين أعبر أمام بوابتهم كل صباح- استعدادهم الباكر والاستماع لقرع طبولهم، وأدعو لهم بالصمود في التدريب، فأمامهم وطن غالٍ يستحق أن تحرس جباله وشواطئه وذرات رماله، وقبل ذلك.. مواطنيه!
www.rogaia.net