لن أنسى كوب القهوة الذي سكبه مضيف رحلتنا على أحد المسافرين الأوروبيين الذي كان يجلس بجانبي حتى تبللت ملابسه وذاق جلده لوعة الحرارة، ثم ما كان من هذا المضيف إلا أن ترك ذاك الخواجة يتصارع مع قدره دون أن يعتذر منه أو على الأقل أن يحضر منديلا يجفف به خطيئته، لن أنسى أيضا أنني طأطأت رأسي لئلا يراني ذاك المسافر ويعلم أن الخطوط السعودية هي سفيرنا في الخارج! وبما أنني أعيش خارج البلاد فقد استطعت أن أفي بعهدي لسنوات عدة لكنني على علم ويقين من أنني سأضطر لأن أستقل إحدى رحلاتها يوما ما لأحج بيت الله أو لأزور صديقي العزيز في عرعر!
كان يجذبني فيها ما تسمعه على متنها من دعاء السفر وما يبثه ذلك في قلبك من طمأنينة وسكينة أضف إلى ذلك متعة تذوق فنجان القهوة العربية إن كنت ممن من الله عليه ليتوسد مقعده في الدرجة الأولى أما زبائن ورواد السياحية كأمثالي فكنا على الأقل نستمتع بسماع قرقعة فناجين القهوة آنذاك من خلف الستار!
وكما أن لكل مشكلة حلولا وبدائل، فإنني قررت منذ ذاك اليوم أن أحفظ دعاء السفر عن ظهر قلب حتى أتلوه حين أستقل خطوط طيران أجنبية أخرى! كما قررت أن أحضر (ترمسا) للقهوة العربية أعددتها بيدي قبل خروجي للمطار وفي كلتا الحالتين فأنا من استفاد من حفظ ذكر الله وأجره المضاعف وتذوق قهوة صنعتها يداي!
بقي أن أذكر أن خطوط دولة مجاورة أحرجت رئيس وزراء كندا وفرنسا أمام برلمانهما وردت الصاع صاعين حين رفضا القبول بشروط تلك الخطوط والتي كانت تسعى لراحة مسافريها وذلك بزيادة محطات هبوطها في تلك الدولتين!
وفي النهاية أقول ليتنا نطير بلا أجنحة حتى لا نرى مواقف مثل تلك!
كندا