الملاحظ أن هناك اهتماماً واضحاً في الفترة الراهنة بالأعمال الوثائقية التي تكشف عن جوانب من تاريخ المملكة العربية السعودية، وهي تدل في مجملها على ارتفاع الوعي بقيمة هذه الوثائق ودورها في كتابة التاريخ المعاصر للمملكة العربية السعودية.
ولا شك أن هذا التوجه يتفق مع ما للوثائق من قيمة رفيعة في الدراسات التاريخية، إذ إنها تكشف عن أمور قد لا تكون مما رصد في المصادر الأخرى، كما أنها تحتوي على مصداقية وإن كان الأمر يحتاج في أحيان كثيرة إلى التأكد من حقيقة الوثيقة وصدقها.
وقد يكون للدراسات في الجامعات السعودية دور رائد، إذ نجد أن لها قصب السبق في توجيه الطلاب إلى البحث والتنقيب في الوثائق لمعالجة قضايا تاريخية محددة، كما أن نشر نصوص الوثائق كاملةً هو من الأمور التي شاعت في الفترة الأخيرة، فقد نشرت ضمن مطبوعات الجنادرية وثائق لها صلة بالملك عبد العزيز، ثم كان الدور المميز للأستاذ فايز البدراني الذي أقدم على نشر النصوص الكاملة لوثائق تخص منطقة المدينة، وأصدرها في مجلدات، أصبحت في متناول أيدي الباحثين، ومنذ فترة قصيرة قام الأستاذ البدراني بنشر وثائق الغاط، وهي أيضاً مما يكشف الكثير عن تاريخ المنطقة ويسهم في تنويع مصادر الدارسين عندما يتناولون تاريخ منطقة نجد في العصر الحديث.
وهناك غير الأستاذ البدراني من أسهموا في هذا المجال يعترف لهم بالفضل.
إن الاهتمام بالوثائق ونشر نصوصها من الأمور المفرحة ومن التوجهات الرائعة التي تشهدها الساحة العلمية في المملكة، وهي دون شك تعد داعماً رئيساً لدراسات تاريخية أكثر دقة، وأكثر شمولية من تلك التي تعتمد على المصادر المطبوعة، وهي مهما قلنا تظل قليلةً ومتشابهة في طروحاتها.