سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد
لقد اطلعت على زاوية دفق القلم للشاعر الدكتور عبد الرحمن بن صالح العشماوي في العدد (13996) وتاريخ 19-2-1432هـ تحت عنوان (الانتحار والهدف الأسمى) وشكر الله له هذه الإضاءة وأضيف على ما ذكر حول هذه الجريمة البشعة، أن الانتحار، قد حذر منه النبي الكريم عليه الصلاة والسلام أشد تحذير فقال (من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً ومن تحسا سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديد فحديديته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً) نسأل الله العافية والسلامة، فهذه الجريمة الشنيعة قديمة وليست جديدة، ولكنها تختلف من حيث الأسلوب في التنفيذ في كل عصر والنتيجة واحدة هي (إزهاق النفس)!!
إذا هذه النتيجة (المأساوية) لها معطيات سابقة هذه المعطيات تتمثل في أولاً: ضعف الوازع الديني، ثانياً: عواصف من الصراع العاطفي كمشاعر الخوف والقلق والإحساس بالذنب (وفي لحظة ضعف وانهزامية) يتم تحويل وتوجيه الحوافز التدميرية إلى داخل الذات!!
ثالثاً: جانب أيدلوجي، كما حصل في الحرب العالمية الثانية من الطيارين اليابانيين بإسقاط الطائرات على السفن المعادية، وكما هو موجود لدى بعض المنظمات الإرهابية، وبعض الجماعات الكهنوتية التي تدعو أتباعها إلى الانتحار الجماعي!! فجميع هذه المعطيات صادرة عن عقليات محتلة (أسيرة) سواءً للنفس والشيطان أو لأسيادها الراقصين على الجثث، والأشلاء. والله المستعان.
لقد خلقنا الله جل وعلا لعبادته (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وهذه حقيقة معروفة لدى الجميع، ولكن هناك أمراً مهماً جداً وهو أن عبادة الله، ليست (طقوسية)، تنحصر وتنزوي بالشعيرة التي نؤديها فقط وتنتهي بانتهائها، فتحقيق (مفهوم العبودية) يكون بترجمته العبادة إلى كل حركه، ونفس، وفكر، وكلمة، إلى الواقع الذي نعيش فيه لتكون هذه العبادة، منهج حياة، وهنا نفهم معنى وصف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها للنبي الكريم بقولها (كان خلقه القرآن) ونفهم قول السلف (أسهل ما في الصيام ترك الطعام والشراب) وعند الوصول إلى هذه المرحلة وهي ليست عصية، على من أخلص، اللهم اجعلنا منهم، هنا نبدأ نقطف ثمرات هذه المراقبة ونستمتع بكل لحظه في حياتنا لأن هذه اللحظات السعيدة أو الحزينة هي محسوبة لنا في ميزان الحسنات فالأولى تقابل بالشكر والثانية، بالصبر لأن هذه الدنيا دار ابتلاء، وامتحان، ونكد، وكبد (لقد خلقنا الإنسان في كبد) قال عليه الصلاة والسلام (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء حمد الله فشكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) هذا الشخص المتترس بهذه العقيدة، وهو محمي بسياج فولاذي بإذن الله من وساوس الشيطان التي غايتها، الانتقام بوحشية من بني أدم بأقصر طريق وأسرعه وهو الانتحار.. نسأل الله الثبات على دينه إلى الممات.
إن هذه الجريمة، كبيرة من كبائر الذنوب قال عليه الصلاة والسلام (الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس) وأصحاب الكبائر هم في مشيئة الله إن شاء غفر لهم وإن شاء عذبهم. فاللهم اجعلنا ممن إذا ابتلي صبر, وإذا أعطي شكر وإذا أذنب استغفر فهذه الثلاث هي عنوان سعادة المسلم.
واغفر لجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين، إنك على ذلك قدير والحمد لله رب العالمين.
صالح بن ع بد الله العرمان - القصيم - محافظة النبهانية