الترجمة بقطبيها (من وإلى) تحتاج إلى مزيد من التفعيل والدأب، وربما أنجع الحلول يكمن في إعادة ترتيب الأولويات وتقديم الضرورات التي يمكن للمستفيدين من الباحثين والمترجمين والمتلقين أن يتفاعلوا مع إنجازات الترجمة ومخرجاتها في كل مجال.
فتحديد مفهوم الترجمة (من اللغة العربية) التي تعد هي الحاضن الرئيس للعطاء المحلي ممثلاً بالإبداع والابتكار والكتابة الخلاقة وعناصر التفرد في الفكر والمطارحات العقلية من أجل أن نعكس صورة مشرقة عن الكاتب لدينا ليكون ذلك تراكماً معرفياً مهماً يمكن أن يقبل عليه الآخر ويتفاعل معه سيما إذا ما ترجم بشكل مناسب ومتوازن.
أما المفهوم الآخر للترجمة (إلى اللغة العربية) فهو يأتي من خلال ما لدى العالم الآخر من إبداع وعطاء إنساني يستحق التقريب والتفاعل ليكون منظماً ومتنوعاً يفضي إلى حالة من التعالق والامتزاج بين التجارب حينما يتم العمل على ترجمة الابتكارات الجديدة في كل مجال من مجالات الفعل الإنساني وتقريب سبل التطور المادي كالصناعات والتقنيات، وكذلك العطاء المعنوي.
وهناك من يدرك أن للترجمة معوقات كثيرة تحد من تحقيق أهدافها ومراميها؛ حيث تتمثل في قلة الدعم المادي، ومحدودية أقسام الترجمة في الجامعات المحلية وندرتها، إضافة إلى غياب المشروع المتكامل لكل أنواع الترجمة.
هناك الكثير من الرؤى التي تتشكل على هيئة أسئلة لا تزال قائمة.. لمن نترجم؟ وإلى أي جهة يمكن لنا أن نوجه خطابنا الابتكاري والإبداعي؟ إذا ما علمنا أن هناك من يطالب في أن تكون الترجمة محصورة في الجانب العلمي النظري وهناك من يريدها للتقنية وآخرون يرون أهميتها في الثقافة والأدب والإبداع، فيما الكثرة الكاثرة - كما تقول العرب - من هؤلاء يرون أنها مجدية في مجال المواد الاستهلاكية والموضة وما شاكلها من تحولات المادة وملاحقة طفرة الإعلان.
لا أحد أن ينكر أن هناك بعض الجهود التي تبذل في مجال الترجمة من قبل الجهات المتخصصة بالأنشطة الخدمية والجامعات التي ترعى مشاريع الترجمة إلا أنها تواجه الكثير من المعوقات على نحو قلة الدعم - كما أسلفنا - أو الانصراف نحو الترويج الاستهلاكي الذي لا يحقق الإبعاد المهمة للترجمة.