يعد فصلي الشتاء والصيف أهم فصول السنة الأربعة نظراً للخصائص الفريدة التي يتميز بها كل واحد منهما عن بقية الفصول. وتجدر الإشارة إلى أن خط الاستواء يقسم الكرة الأرضية إلى قسمين: شمالي وجنوبي، ففي الوقت الذي يكون فيه نصف الكرة الأرضية شمال خط الاستواء شتاء يكون الوقت في نصف الكرة الأرضية جنوب خط الاستواء صيفاً والعكس صحيح. وبالتالي فقد جعل الله هذا الاختلاف نعمة عظيمة لسكان الأرض حيث تستطيع الشعوب زراعة وتبادل جميع أنواع الحبوب والفواكه والخضروات وغيرها في جميع فصول السنة.
وقد عرف الإنسان البروج منذ زمن بعيد حيث أسهم في دراستها والتعرف عليها السومريون والكلدانيون والإغريق والعرب والمسلمون. ففي القرن الثامن قبل الميلاد وردت بعض أسماء البروج في أشعار هوميروس الإغريقي. وفي سنة 1930م قام الاتحاد الفلكي العالمي بوضع الحدود للبروج وتميز «88» برجاً منها «28» برجاً في نصف الكرة الجنوبي و»12» برجاً عند دائرة البرود و»48» برجاً في نصف الكرة الشمالي. ومن أهم بروج الشتاء: الجوزاء والثور والكلب الأكبر والكلب الأصغر والثريا والتوأمين. أما أهم بروج الصيف فهي: العقرب والعقاب والقيثارة وبرج الأوزة أو الدجاجة.
ومن أهم ما يمكن أن يذكر في هذا المقام رحلة الشتاء والصيف التي أشار إليها القرآن الكريم في سورة «قريش» حيث كان القرشيون أحياناً تصيبهم الفاقة والحاجة، فإذا لم يجد الرجل الطعام لأهل بيته أخذهم إلى موقع معروف وضرب لهم خباء وبقوا فيه حتى يموتوا جوعاً ويسمى هذا «الإعفار». وذات يوم نما إلى علم هاشم بن عبد مناف أن بيتاً من بني مخزوم يهم بالإعفار فقام هاشم خطيباً في قريش فقال: «إنكم أحدثتم حدثاً تقلون فيه وتكثر العرب وتذلون وتعز العرب وأنتم أهل حرم الله والناس لكم تبع ويكاد هذا الإعفار يأتي عليكم». ثم جمع كل بني أب على رحلتين للتجارة رحلة الشتاء إلى اليمن ورحلة الصيف إلى الشام فما ربح الغني قسمه بينه وبين الفقير من عشيرته حتى صار فقيرهم كغنيهم.
أما في المجال الصحي فقد أشارت الدراسات الطبية أن فصل الصيف أفضل من فصل الشتاء بالنسبة لصحة الإنسان وأوردوا أسباباً عدة منها أن أشعة الشمس في الصيف تساعد في تنظيم معظم العمليات الحيوية في الجسم وتسهم في تحسين الصحة البدنية والنفسية ونوعية الحياة. كما أن إقبال الناس على تناول كمية مناسبة من الفاكهة والخضروات وشرب كميات كبيرة من الماء والسوائل يقلل من الإصابة بالأمراض ويساعد الخلايا على القيام بوظائفها بصورة صحيحة. أما في فصل الشتاء فإنه فصل النوبات القلبية وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم والسبب في ذلك أن أشعة الشمس تلعب دوراً مهماً في خفض مستوى ارتفاع الكوليسترول في الدم.
ولا تقتصر رحلة الشتاء والصيف على الإنسان فقط، بل إن الطيور والأسماك لها هجرة مماثلة في الشتاء والصيف بحثاً عن الأجواء المعتدلة أو المياه الدافئة. وغالباً ما تكون هذه الهجرة في شهري أبريل وأكتوبر من كل سنة، فعند بداية الشتاء في نصف الكرة الشمالي في شهر أكتوبر تبدأ الطيور بالهجرة من الشمال إلى آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية إلى الجنوب إلى إفريقيا وأمريكا الجنوبية والشرق الأوسط وغيرها ثم تعود ثانية من حيث أتت في شهر أبريل عند بداية الشتاء في نصف الكرة الجنوبي. أما الأسماك فتهاجر في الفترة نفسها تقريباً من شمال المحيط الهادي والمحيط الأطلسي إلى جنوب هذين المحيطين في نصف الكرة الجنوبي ثم تعود ثانية عند بداية الشتاء في نصف الكرة الجنوبي. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
- عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة