التوقعات عادة تأتي من قراءة متعمقة لموضوع مدارها..
قد تصيب حين يكون الإلمام بتفاصيل الموضوع شافياً كافياً.. وقد تخيب..
غير أن هناك علوماً حديثة لأساليب التفكير, وصياغات العقل للتوقعات, تنفذ عن مسارب شاسعة الرؤية، واعية الإدراك... فلم تعد التوقعات رهينة التكهنات، ولا الحدس..
فالمعارف، وعلوم التفكير، وأساليب صيد التخمينات، وتوظيف إمكاناتها في مساراتها المدروسة، غالباً ما تأتي بنتائج إيجابية، إذ لم تعد صعبة، وإن كانت لا تتيسر لأي محاولة، أو لأي مجتهد في اكتسابها، ذلك لأن الناس يختلفون في مستويات الذكاء، وبالتالي في المهارات والقدرات, تلك التي يطنطن بها التربويون، ويشنشن بها المفكرون... لأنها غدت بنداً مهماً في تدريب الخبرات، وبنائها.. ومن ثم في تكوينها... على الأقل للركون باطمئنان لنتائج توقعات ما يأتي من ذويها.
بناءً على ذلك، من الذي يتوقع ما ستؤول إليه أحوال العالم العربي في غضون الأحداث الراهنة.. ويمكن أن نثق في توقعاته..؟
من سيقول صدقاً أو أقرب للذي ستنتهي إليه أزمات مصر...
وأزمات على شاكلتها لمن بدؤوا قبلها، وللذين يحذون...؟
فالكل يتكلم، ويتخرص، ويتكهن، ويتوقع..
وفي الحقيقة ما من قراءة مبهجة للقناعة، ولا هناك من يُعوَّل عليه لنتائج شفافة..
لكنني حظيت بدلو فيما توقعته من الأيدي الخفية في مسألة مصر في قول سبق هنا، إذ تحقق أن اكتُشف هناك على أرض ميدان التحرير، ومصطفى محمود... ما توقعته هنا..
وما كنت يوماً كاتبة سياسة، ولا قارئة لمخابئ أزقتها..
لكن الواقع الراهن يفرض التفكير في رأس كل من أزعجته الأصوات، وأصمت فيه قدرة التجميع لكل ما يحدث في الشارع العريق بتأريخه، الذي يفترض أن يكون مكيناً بحضارة أمته, ودورها الرائد والقوي في قوى الشرق العربي الأوسط، بين دول العالم..
غير أنها مصر, العراقة مصر, قد تهاوت بفعل خفي، أسفاً سقط في شروخه أبناؤها... واختلط فوق تربتها ما هو مبهج بما هو مؤلم، وما ينصع بما يلطخ، وما يشرق بما يظلم..
تبقى التوقعات رهينة قراءات سابقة في تمكنها من حيثيات، القليل منها ظاهر للعيان, والأكثر الأبلغ خفي عن أولئك الصارخين، لا ما يفيدون به، إلا أنهم يلحقون الأذى بهدوء المشهد, وانعكسات الفوضى، في مسارب الأعصاب والدماء.
الكل ارتفعت مؤشرات الضغط العالي في عروقه..
وثمة من يطلق في الخفاء ضحكاته..
واللعبة النارية التي ألقيت في ساحات المصريين سرت جذوتها في هشيم وطنهم...
تعددت الأسباب...
فظاهر الموقف بطولة، وباطنه مصنع اللعبة, وقد أُعد في الخفاء..
فاللهم استر.