إدارة الأزمة بالشكل الصحيح تحتاج إلى اكتشاف حجمها والوقوف على تبعاتها، ومعايشة ظروف المتضررين من الداخل للوصول إلى أفضل القرارات الممكنة، القادرة على معالجتها بسرعة وكفاءة. قيام صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، بجولة ميدانية تفقدية على المناطق المتضررة للتعرف على حجم الأضرار، ومعرفة أسباب الكارثة، وطرق علاجها، وإيجاد الحلول الناجعة لها، وترأسه اللجنة الوزارية أدى إلى صدور التوصيات الحاسمة التي ستكون فاتحة خير على محافظة جدة، وجميع مناطق المملكة، بإذن الله.
المتابعة الميدانية على أرض الحدث وإصدار التوصيات الحاسمة في وقتها ستعيد تشكيل أسلوب التعامل مع الأزمات، بما يضمن معالجتها، وتخفيف تداعياتها، ومتابعة أوجه القصور ومحاسبة المتسببين في تأخير المشروعات، أو تعثرها وهو ما يقود إلى حمل الجهات الخدمية على القيام بدورها المأمول، وبما يحقق تطلعات ولي الأمر وأمنيات المواطنين.
موافقة خادم الحرمين الشريفين على توصيات اللجنة الوزارية، ومنها أن «تتولى اللجنة الفرعية تكليف مكتب أو مكاتب استشارية عالمية متخصصة في دراسة تصريف الأمطار والسيول والبنية التحتية للأحياء العشوائية بما في ذلك ما تبقى من مشاريع الصرف الصحي في محافظة جدة؛ وأن يتم بعد ذلك طرح المشاريع المقترحة لتصريف الأمطار ودرء أخطار السيول وفق الدراسات المقترحة أعلاه لتنفيذها من قبل عدد من شركات المقاولات العالمية المؤهلة، تفتح باب التغيير في طرح المشروعات الإستراتيجية العاجلة، وإعطائها الأولوية بحسب الحاجة، وترسيتها والإشراف على تنفيذها وذلك استثناء من أحكام نظام المنافسات والمشتريات الحكومية.
الاعتماد على مكاتب استشارية، وشركات تنفيذ عالمية هو ما تحتاجه المملكة للوصول بمشروعات البُنى التحتية إلى مرحلة الكفاءة العالمية، وللحؤول دون حدوث الأزمات والكوارث نتيجة الأخطاء الاستشارية أو التنفيذية التي صاحبت كثير من مشروعاتنا التنموية؛ فغرق الإنفاق نتيجة الأمطار المتوسطة، تسرب المياه الجوفية إلى بعضها، تصدع السدود، عدم كفاءة شبكات الصرف، هبوط طبقات الإسفلت على الطرق الرئيسة، وسوء التنفيذ وقصر العمر الافتراضي لكثير من مشروعات التنمية، وارتفاع التكلف هي نتيجة مباشرة للاعتماد على الشركات المحلية في الاستشارة والتنفيذ.
الاعتماد على الشركات العالمية في «دورة المشروعات»، التخطيط، التصميم، التنفيذ، الإشراف والرقابة، هو الضامن، بعد الله، لتحقيق كفاءة المشروعات وجودتها، والحصول على المنفعة الكلية من الإنفاق الحكومي السخي على مشروعات التنمية.
أشرت في مقالات عدة خلال الخمس سنوات الماضية إلى أهمية الاعتماد على الاستشارات العالمية التي قطعًَا لا تقارن بأي حال من الأحوال بالاستشارات المحلية، وإلى ضرورة الاستعانة بشركات المقاولات العالمية الأكثر خبرة ومقدرة على التعامل مع مشروعات التنمية، واستشهدت في الوقت نفسه بشركة بكتل العالمية التي تولت تقديم الاستشارات للهيئة الملكية للجبيل وينبع، والشركات العالمية المنفذة، التي كان لها دور حيوي في بناء مدينة الجبيل الصناعية على أعلى المستويات العالمية.
تجربة الهيئة الملكية للجبيل وينبع مع الشركات الاستشارية، وشركات المقاولات العالمية أنموذج يُحتذى به؛ شركات التنفيذ والاستشارات العالمية هي ما تحتاجه المملكة ليس في جدة فحسب بل في جميع مشروعات الدولة الإستراتيجية ومن خلالها يمكن ضمان الجودة والكفاءة، وتحقيق الأهداف التنموية بدقة، وبفترة زمنية قصيرة.
الاعتماد على الشركات العالمية هو المخرج من أزمات المشروعات الإستراتيجية، وهو المنقذ، بإذن الله، من تخبطات المكاتب الاستشارية، وسوء تنفيذ بعض الشركات المحلية.
تبحث الدول المتقدمة عن نماذج متطورة لمحاكاتها واقتباس خطط النجاح منها، ونحن في المملكة لا تنقصنا نماذج النجاح طالما أن لدينا المنشأة الحكومية الضخمة، وهي الهيئة الملكية للجبيل وينبع، التي أثبتت نجاحها في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين.
كل ما نحتاجه هو تطبيق ذلك النموذج الناجح على جميع مناطق المملكة. لماذا لا تتبنى أمانات المناطق والمدن أسلوب عمل «الهيئة الملكية للجبيل وينبع» في تخطيطها، تصميمها، إدارتها، وتنفيذها للمشروعات التنموية؟.
نرجو أن تمتد توصيات اللجنة الوزارية فيما يتعلق بالشركات العالمية، وأسلوب طرح المشروعات إلى جميع مناطق المملكة، وأن تكون القاعدة التي يُبنى عليها هيكل المشروعات التنموية مستقبلاً.
F.ALBUANAIN@HOTMAIL.COM