Wednesday  02/02/2011/2011 Issue 14006

الاربعاء 29 صفر 1432  العدد  14006

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

 

أخطر قرار في الحياة
إيمان الخميس

رجوع

 

ما هو مفهوم مؤسسة الأسرة عند البعض..؟ هل هو التفاخر بالعدد أم بالقدرة على التكاثر بحد ذاتها، أم أنها مسلمة من المسلمات الثقافية التي نتداولها اجتماعيا دون الكثير من التفكير، أم تراه مكر تمارسه الثقافة الذكورية بهدف إنجاب أكبر عدداً من الذكور! والأخيرة تحمل في طياتها رسالة مبطنة تشير إلى التملص من المسؤولية أو اختيار النوع الذي يحافظ على خصائص الثقافة الأقل مسؤولية فالأبناء الذكور مقارنة بالإناث أخف حملاً على الكاهل!. هيمنة العرف الاجتماعي تقصيهم عن أن يدركوا بأن المسؤولية هي من شروط التكليف الإلهي، ووسام على صدر جندي مستبسل شجاع في أرض المعركة.

فالشخص المسؤول عن أفعاله وكلامه شخص ناضج مكتمل الخصائص الإنسانية غير نادم وقوي وواثق الخطوة، لكن أين الأنموذج المسؤول من المقدمين على تكوين الأسرة التي هي اللبنة الأساسية في المجتمع، هل تسألوا لوهلة عن مدى قدرتهم واستعدادهم على إنجاب إنسان لم يخيرّ أن يولد ولكن من أبسط حقوقه أن يجد بيئة تربية إيجابية تجعل منه إنسانا كفء صحيح النفس والأفعال؟! أم كان قانونهم لكل فعل إنجاب ردة فعل «أسرح بارك الله»!

من يرجئ التخطيط ويسوف الوعي المسؤول عن الالتزام الأسري يذكرني بطائر الوقواق فهو لا يربي فراخه بنفسه بل يدفعها بين فراخ طيور أخرى لتربيتها مع فراخها ليتخلص بذلك من عبء تربيتها بنفسه وتحمل مسؤوليتها! وبعد تفقيس بيض الوقواق وحينما تكتشف الطيور الطائر الغريب تساء معاملته وينبذ، وما الطائر العائل إلا المجتمع والناس.

فكم من مدمن وكم من مضطرب ومتخبط وكم من مريض نفسي وكم من تعيس ومُهمَل وفاسد ومنبوذ اجتماعيا أنتجته التربية الغير مسؤولة والإنجاب العشوائي فرسول الأمة عليه أفضل السلام قال: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالمسؤلية لا تقتصر على الإغداق المادي أو المأكل والملبس والمأوى بل تتعدى ذلك بأميال نحو مشروع يسعى إلى زرع القيم والثقة بالنفس والأخلاق الفاضلة واكتشاف المواهب وسلامة النفس والفكر.

والاعتماد في ذلك على أسلوب القدوة الحسنة والنماذج الطيبة وليس النقاد والجلادين القساة. وبالاحتواء الأسري والثقة (مع التدرج في منحهم الثقة إلى أن يشتد عظمهم وتنضج تجربتهم ويصبح باستطاعتهم أن يقارعوا مسؤوليات الحياة بجنان ثابت وقلب جسور) وإلقاء بعض المسؤوليات عليهم ليثبتوا أقدامهم. التربية هي حقل يتم استزراعه للمستقبل وحتى في حالة التعب على التربية ببذل مجهود يُشكر عليه الأب والأم من الأبناء ومن السماء لا يجب مطالبتهم بأمور تثقل أرواحهم فكما قال جبران: « أبناؤكم ليسوا لكم»، ربوهم على أن يرفعوا أيديهم للسماء طالبين من الله أن يرحمكما كما ربيتموهم صغارا لا أن تجعلوا من عطائكم مطالبة واسترداد دين فالأبناء لهم حقوق مثلهم بمثل الوالدين تبذل لهم دون انتظار رد عطاء وكما يقال (لا تسأل الجذور ثوابا على ثمر الغصون) ولمن أراد البر من أبنائه فليعنهم على بره لا أن يطالبهم به اعتباطاً، لذلك على كل شخص تلح عليه المسؤولية بأن يتحلى ويتقلد بها ألا يبخل ولا يتأخر في تثقيف نفسه والاستزادة من القراءة عن أعظم مسؤولية، وتربية النفس والعقل على تربية الأبناء. فالمقولة تقول: « انتخاب طرق التربية أهم من انتخاب شكل الحكومة»، فنحن يا أبناء هذا الجيل علينا أن نتعلم من أخطاء أجيال قد نصفها بغير إنصاف بالجهل، هي ولا شك دائرة تربوية بشرية فتربية الطفل تبدأ قبل ولادته بعشرين عاما وذلك بتربية أمه وأبيه!

أرى أن تربية الشخص لنفسه بمثل آخر العلاج بالكي فأنا أشجع وأدعو إليها فهي تربية متمكنة وعصامية في ذاتها فكم من ناجح ورائع وشخصية متميزة بأدب وعلم وثقافة ودين وصلاح واستقامة وروح سامية وفكر متقد لم تُزرع في تربتهم الخصبة هذه البذور اليانعة من قِبل ذويهم ولكن عندما اشتد بهم الساعد بذروها وزرعوها وحصدوها بمعول الفخر.

أحب طفلك ذكراً كان أم أنثى, جميلاً أم دون ذلك، ذكيا أم أقل ذكاء. فأنت أمام الله محاسب ومسؤول وأمام نفسك وأمام أطفالك، فالتربية والمسؤولية وحدهما يحدثان الفرق فالأمر خطير يستحق من الجميع التكاتف للتوعية وحث الضمير الإنساني على البقاء قيد الحياة.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة