3000 متطوع من الشرقية لمساعدة متضرري أمطار جدة، ومركز توجيه أُسري بجدة يخصص خطّاً ساخناً لاستقبال اتصالات المُتضرِّرين من سيولها؛ لتقديم الاستشارات النفسية لهم على مدار الساعة، وثلاثة شبان يطلقون موقعاً إلكترونياً بعنوان «المساعدة في إنقاذ جدة» www.jeddahguide.net، مخصص للمفقودين والمحتجزين بها، وقيام أفراد من التجمع التطوعي الخيري بجدة بتنظيف وإعادة تهيئة وصيانة عدد من المساجد المتضررة بسبب الأمطار الغزيرة التي شهدتها أرجاء المحافظة، واجتماع أكثر من 500 متطوعة ومتطوع في معرض الحارثي شمالي جدة؛ لتأدية الأعمال التطوعية لصالح متضرري الأمطار هناك.
هذه المؤشرات السريعة تذكرنا بجهود فردية للشباب السعودي والتي بدأت قبل سنوات، لكنها لم تجد الاهتمام الرسمي الكافي غير أنها تحولت خلال الأزمات الموسمية إلى ميدان لتفريغ طاقات الشباب وشكل من أشكال التعبير عن وجودهم الحيوي والمتفاعل مع المجتمع. واستطاعت جموع من الشباب المتطلع نحو الخير أن تكرس وجودها عبر جملة من الأحداث المختلفة التي شهدتها بلادنا خلال الأعوام القليلة الماضية. ففي الخبر التي تعرضت واجهتها البحرية إلى أعمال تكسير وتخريب في سبتمبر الماضي حضر الشباب المتطوعون بشكل غير مسبوق ليقول كلمة الفصل لإصلاح ما فعله أبناء جيلهم وهو الأمر الذي دفع نائب أمير المنطقة الشرقية للاحتفاء بهم وقتها. وفي جنوبنا المعطاء حيث خاض الجيش السعودي حربا مع عصابات متسللة تابعة لحركة التمرد الحوثي في اليمن ساهم الشباب المتطوع في أعمال إيواء وإغاثة آلاف النازحين الذين شردتهم الحرب. وفي جدة اليوم كان المتطوعون هم الرقم الصعب في الأزمة المعادلة وهم بلا منازع الأسرع حضورا في مشهد إغاثة المتضررين من السيول التي اجتاحتها. وفي الرياض التي شهدت عاصفة جوية شلت أطرافها أكد المتطوعون الشباب حضورهم بحملة شارك فيها المئات. ورغم غياب الإحصاءات الدقيقة حول أعداد المتطوعين من شريحة الشباب السعودي نظرا إلى الإقبال الذي تشهده المؤسسات التطوعية وعدم وجود غطاء واحد يجمعها، يقدر المراقبون للحراك التطوعي في أوساط الشباب أن هناك أكثر من 8000 متطوع في المنطقة الشرقية التي شهدت بداية ونمو هذه الظاهرة الإنسانية التي تتقاطع مع جذورنا العربية والإسلامية، و1000 متطوع في الرياض، وأرقام مقاربة لها في المنطقة الغربية.
نجيب الزامل، عضو مجلس الشورى والناشط الاجتماعي المعروف، يرى أن الظاهرة التطوعية للشباب السعودي جاءت لكسر الصورة النمطية التي رسمها البعض عن شبابنا واختزل طاقاتهم المتجددة في وحل الكسل والاتكالية المقيتة، وهو الذي أسس نادي «أولاد وبنات الدمام» التطوعي وأشرف على تأسيس «أولاد وبنات الرياض» التطوعي.
إن هذا الحراك التطوعي في جدة كفيل بإخراج شبابنا السعودي من تلك الصورة النمطية التي ما زالت تلاحقه حتى الآن بوصفه اتكالي وكسول وغير مبال، وتختزل - للأسف - حضورهم الباهت في الأسواق والسيارات والألعاب الإلكترونية كما أن الدور المنتظر للمؤسسات الرسمية تجاه العمل التطوعي يجب ألا ينحصر في توفير الغطاء التنظيمي والدعم الرسمي لهذه التجارب والمبادرات الشبابية، بل عليه أن يتجاوز ذلك بسن القوانين العصرية التي تسهل إجراءات تأسيس منظمات تطوعية والحصول على تصاريح لأنشطتها ليتنقل «العمل التطوعي» من ضيق «الفردية» إلى فضاء «المؤسسية»، ليأخذ الشباب فرصته الحقيقية من خلال العمل التطوعي المتطور ليضخ الحياة في شرايين الوطن عبر دماء شابة تعشق التطوع الذي سيقف - بحول الله - سدا منيعا في وجه كل أزمة تمر بوطننا لا سمح الله!!!