الاستثمار متاح في كل شيء.. إلا ما يخالف الأمور الشرعية ويضر بالمجتمعات الإنسانية ويتعارض مع سياسات وأنظمة الدول.. وهذا رأي متواضع وليس بفتوى كالفتاوى المنفلتة واتخاذها كوسيلة رأي وهي ليست بشيء من ذلك عند من أراد البروز بالتفتيش بضلالية التشويش, على الرأي العام النزيه، الذي يأتي في صالح وتصالح المجتمع، كمجتمع متناغم قوامه رأي ورؤى سديدة ذات تطلعات مستقبلية ناهضة وليست مثبطة!!
الرأي تحتفي وتحتفل به مراكز الدراسات الإستراتيجية, وتحتضنه وتعمل جاهدة على دراسته وتقييمه وتوثيقه لكي تستفيد منه وتفيد به طالبيه من مؤسسات المجتمع المدني والتي بدورها تعمل على الاستنارة والاستئناس فيه في حل معظم مشاكل وقضايا مجتمعاتها, وهذا شيء مؤكد فيما تطلبه وتأخذ به مؤسسات المجتمع المدني من واقع ما تقدمه مراكز الدراسات الإستراتيجية المدنية والعسكرية من حاصل الاستئثار والاستثمار من الأفكار والآراء عند كتاب الرأي بالعالم الغربي والعربي.
في خبر ذي أهمية نشرته صحيفة «الجزيرة « بالصفحة الأخيرة يوم الخميس بالعدد (14000) تاريخ 23-2-1433هـ بعنوان (إطلاق أول شبكة في العالم العربي لمراكز الدراسات واستطلاع الرأي) فحوى الخبر كالتالي (تم في القاهرة يوم الاثنين الماضي إطلاق الشبكة العربية لاستطلاع الرأي وذلك خلال مؤتمر استمر يومين وحضره عدد كبير من الخبراء وممثلي مراكز استطلاع الرأي العام في العديد من الدول العربية.. كما قام عدد من المتخصصين بتقديم قراءة المشهد الحالي لاستطلاع الرأي العام وأهميته ومعوقاته في الوطن العربي.. إلخ).
مراكز الدراسات الإستراتيجية المدنية والعسكرية القائمة بالعالم الغربي والعربي, تقدم خدمة لمجتمعات المؤسسات المدنية, فهي خدمة استثمارية بالدرجة الأولى, وإلا لما أقدمت على بذل اجتهاداتها النظرية والعملية, حسب نوعية العرض والطلب ومن ثم الاستفادة ماديا مما قدمته من دراسات هي الأخرى مصدر تكلفة بالنسبة لها من الناحية الاستثمارية, فليس هناك مجاملات في عالم التجارة، كل شيء بثمن.
نأتي لكتاب الرأي وما يكتب من آراء، نجد أن هناك بعض آراء تلفت نظر القارئ الفطن النزيه ويستلطف معانيها ويستطعم مذاقها ويأخذ بمصداقية وشفافية الكاتب, ويتابعه ويتفاعل معه بخلق حسن, ويحرص على الرد عليه عبر الموقع الإلكتروني للصحيفة التي تنشر مقالة كاتب الرأي, فيكون هناك انسجام بين كاتب الرأي وقارئه.
هذا من ناحية.. من ناحية أخرى نجد أن القليل من كتاب الرأي يبلغ به الجموح ولا أقول الجنوح مبالغة فيما يكتبه بأسلوب مثير خلق الكثير من المتاعب للصحيفة، فضلا عن تذمر واستياء الكثير من القراء، في الوقت الذي به تكشفت أمور كثيرة حينما عرف أن الأقوال متنافرة مع الأفعال فالكتابة شيء والأفعال شيء آخر بمعنى أنه يكتب بغير ما يضمره، فتجده في مجلسه وبين خاصته, كثير التناقض إنسان (زنبقي) تارة مع هذا وتارة أخرى مع ذاك، ليس له رأي محدد, فمثل هذه النوعية، ليس على خلق فيما يكتبه وإن يعتبر رأي يؤخذ به, وهذا ما حصل حينما تجاهلت الصحيفة ما يكتبه!
ولعلني لم أذهب بعيدا حينما كتبت ذات يوم مقالتي المعنونة ب(كتاب الرأي.. هل يستفاد من آرائهم) نشر في صحيفة «عكاظ» بجزأين زاوية (حروف دافئة) وما قبله وما بعده بصحيفة «الجزيرة»- (الرأي والرأي الآخر) نشر في حينه، وكثيراً ما تم التطرق لأهمية الرأي وهو الذي يجب أن تكون له مؤسسات تعتني به لتأخذ بصالحه وتنحي طالحه وهذا ما حصل حاليا.. فالرأي عبارة عن عصارة أفكار مستنيرة ومثرية وقيمة قدمها كاتب الرأي لقرائه ومجتمعه ككأس من الشهد اللذيذ وشهادة حق لكاتب رأي ذي مصداقية وشفافية!!ولعل ما أقدمت عليه هذه المؤسسات للدراسات الإستراتيجية في احتواء الآراء وجمعها وتنقيحها وتلقيحها فيما يخدم مجتمعاتها, أنه لعمل عظيم يستحق الإشادة به كأسلوب حضاري ينم عن وعي ثقافي خادم يصب في محصلة تنمية الشعوب سياسياً واقتصادياً واجتماعياً, فليس مهما لكون النتاج نتاج استثماري, بقدر ما هو الأهم في النتائج المعولة على مدى الاستفادة والإفادة من الاستنارة بالرأي وطرحه للدراسة والتحليل لأهميته وتذليل معوقاته, كما أتى بتوصيات مؤتمره, حسب ما ورد في خبر الصحيفة «الجزيرة» عالية. وبالله التوفيق.