أصبحت الحوادث المرورية تشكِّل هاجساً مقلقاً لكافة أفراد المجتمع، وأصبحت واحدة من أهم المشكلات التي تستنزف الموارد المالية والطاقات البشرية وتستهدف المجتمعات في أهم مقومات الحياة وهو العنصر البشري إضافة إلى ما تحدثه من خسائر اقتصادية ومشكلات نفسية واجتماعية على المجتمع مما يتطلب معه إيجاد الحلول المناسبة للحد من هذه الحوادث أو على الأقل التخفيف من آثارها السلبية على المجتمع، ولقد استبشر الجميع خيراً عند ما أطلقت الإدارة العامة للمرور نظام ساهر وهو عبارة عن نظام آلي لإدارة حركة المرور عن طريق استخدام أحدث التقنيات في مجال النقل الذكي ويهدف هذا النظام كما أعلن عنه إلى رفع الثقافة المرورية لدى مستخدمي الطريق، كما يهدف إلى الوقاية والحد من الحوادث المرورية التي راح ضحيتها الآلاف من المواطنين والمقيمين، وانطلاقاً من هذه الأهداف النبيلة التي أعلنت، فإن الجميع عمل على دعم هذا النظام والترحيب به لأن الجميع في حاجة ماسة إلى وجود نظام صارم يعمل على حماية الأرواح، ويحد من الخسائر البشرية والاقتصادية الفادحة، حيث يؤسفنا ما نشاهده من فوضى القيادة نتيجة للاستهتار والتهور وعدم التقيد بأنظمة المرور وتعليمات القيادة، كذلك عدم اتباع إرشادات السلامة على الطرق. ولكن المؤسف هو تعامل هذا النظام بمنهجية تعمل على فرض الغرامات المالية الباهظة مما جعل الجميع يعتبر هذا النظام نظام جباية، أصبح يشكل مصدر قلق كبير على ميزانية الأسرة بما يفرضه من غرامات مالية باهظة تفتقد إلى المنطقية عوضاً عن أن التوعية المصاحبة لهذا النظام لم تكن بالمستوى المأمول ولم تعط مدة كافية من الزمن لتؤتي ثمارها، فالهدف من إقرار هذا النظام هو الحد من الحوادث المرورية وليس أن يعيش الجميع في رعب حتى أن البعض نسي الطريق ومخاطره وأطلق العنان لناظريه للبحث عن كاميرات ساهر مما قد ينتج عن ذلك حوادث مرورية مروعة بل أدى ببعض الشباب إلى طمس كاميرات النظام في تصرف غير مقبول لذا ولكي ينجح نظام ساهر لا بد أن تكون الغرامات معقولة والسرعة المحددة أيضاً مقبولة فليس من المعقول أن يحاسب من يسير بسرعة 75-80 كلم بغرامة مالية قدرها ثلاث مئة ريال وقد تتضاعف لتصل إلى أرقام خيالية، كما لا بد من استخدام مبدأ الثواب والعقاب والتحذير قبل أن يتم تغريم الشخص المخالف لأن التوعية واستخدام مبادئ مثالية قد تؤتي أكلها أكثر من استخدام مبدأ العقاب المنفر الذي قد لا يجدي على المدى الطويل كما يجب وضع لوحات إرشادية كافية على جنبات الطرق وفي أماكن واضحة وبعدة لغات ولا تقتصر على العربية فقط حتى يتمكن قائدو المركبات ومن مختلف الجنسيات من الاسترشاد والتقيد بها وأيضاً إعادة النظر في حدود السرعة المسموح بها بكافة الطرق الرئيسية لتتواكب مع التطور الذي تشهده الطرق في المملكة وليصبح هدف نظام ساهر الأمثل ترسيخ ثقافة مرورية جديدة وضبط السير بما يعمل عليه من تكثيف التوعية المرورية واستخدام الوسائل المناسبة والطرق الحديثة في الإعلان لإيصالها إلى كافة فئات المجتمع وبجميع اللغات والعمل على كسب الجميع باستقطاع جزء من مكاسب النظام لتوفير وظائف مناسبة للشباب وكذلك توفير مناشط وفعاليات ترفيه للمواطنين واستغلال تلك التجمعات البشرية في إرسال رسائل توعية مناسبة لكسب رضا الجميع.
- الرياض
Homod7@hotmail.com