يا جِدَّةُ يا بابَ الحَرَمِ
يا أُخْتَ البحرِ المُلتَطِمِ
يا «غَيْرَ» مدائنِ دولتنا
يا أَجملَ آفاقِ الحُلَمِ
أهديتُكِ شعري فابتهجي
واحتفلي بجميلِ النَّغَمِ
وخُذيني في رِحْلَةِ حُبٍّ
للشَّاطىء عندكِ وابتسمي
هيَّا - يا جِدَّةُ - لا تقفي
عندي جامدةً كالصَّنَمِ
ناديتُ عروسةَ شاطئنا
بنداءِ الشَّوقِ المحتدمِ
لكنِّي لم أفرحْ منها
بحديثٍ عَذْبٍ مُنْسَجِمِ
قالتْ لي، والدَّمْعُ يُريني
إحساسَ القَلْبِ المُنْكَلِمِ
أتكونُ عَرُوسَةَ شاطئكم
مَنْ تَغْرقُ في سِيْلِ العَرِمِ؟!
أتكونُ عروساً، مَنْ وقَفَتْ
في وجهِ السَّدِّ المُنْهدِمِ؟!
أتكونُ عَرُوساً مَنْ سَهِرَتْ
في ليلِ الرُّعْبِ ولم تَنَمِ؟!
دَعْني من أَطْولِ ناطحةٍ
تتعالى في أُفُقِ العَدَمِ
دَعْني من بُرْجٍ مُرْتَفِعٍ
أو قَصْرٍ يَرْفُلُ في النِّعَمِ
دَعْني من سُوقٍ حافلةٍ
بصنوفِ صناعات الأُمَمِ
دَعْني من غُرْفةِ تُجَّارٍ
تَلْقَى صَرَخاتي بالصَّمَمِ
تَجْلِبُ في ظِلِّ تجارتها
أفكاراً ترفُضُهَا قِيَمي
أنا «غَيْرُ» مدائنكم، لكنْ
غَيريَّةُ حُزْنٍ مُضْطرم
تتلاعبُ بي أيدي بَشَرٍ
رَسَموا لي خُطَّةَ مُلْتهِم
ألْقَوْنِي في دَرْبِ سيولٍ
تعصِفُ بالسَّهْلِ وبالأُكُمِ
أَكلُوني أكْلَةَ ذي قَلْبٍ
صَخْريٍّ طَمَّاعٍ نَهِمِ
أمْوالٌ تُغْسَلُ بدموعي
وتُلوِّنُها ألوانُ دمي
مليارٌ يَتْبعُ مِلياراً
أكَلَتْها البُومةُ في الظُّلَمِ
أموالٌ طائلةٌ عجزتْ
أنْ تَغْسِلَ من طينٍ قَدَمي
أنا «غَيْرُ» مدائنكم، لكنْ
غَيْرٌ في البُؤْسِ وفي السَّقَمِ
حطَّمْتُمْ واللهِ طموحي
ومَلأْتُمْ قلبي بالنَّدَمِ