يمثل الموظفون أحد أسرار الحصول على العلامة التجارية للمنظمات, إن لم يكن أهمها, وحيث تمثل العلامات التجارية للمنظمات كيانا متكاملا, يعبر عن العلاقة بينها وبين السوق استناداً إلى الخبرات المتراكمة مع العملاء , ويجمع هذا الكيان بين المنظمة, والمنتج , والخدمة المقدمة, والمستهلك, والعاملين في هذه المنظمات بصورة تبادلية, تناوبية, حيث يعد التعرف على آراء العملاء، واستجابة الموظفين العاملين بها جوهر تلك العلاقة
..وتستخدم المنظمات طرقا مختلفة لمعرفة آراء العملاء تجاه المنتج أو الخدمة المقدمة لهم , منها المقارنة بين المنتجات, وبحث مميزات المنتج عن غيرة من المنتجات المنافسة لمعرفة أوجه القصور فيه في الوقت الحالي وما يؤملونه بالمنتج مستقبلا.كل ذلك يسّر, وأتاح للمنظمة تعديل وتحسين المنتج أو الخدمة بما يتفق مع رغبات العملاء.
وإن كان استخدام الطرق السابقة للتعرف على آراء العملاء أمراً مهماً فإن استجابة المنظمات لتلك الآراء يعد أكثر أهمية، ولذا تسعى جميع المنظمات إلى ترسيخ انتماء الموظفين بصفة عامة , والعاملين بإدارة خدمة العملاء بصفة خاصة، والتي تعد جزءاً أساسياً من الإطار الاستراتيجي للمنظمة, ودورها هو المحافظة على العميل وتقديم خدمة متميزة له. هنا يمكننا إدراك حتمية الاهتمام بالموظفين, والوصول بهم لمرحلة الانتماء والولاء, بحيث يتصرفون وكأن بينهم وبين منظمتهم رباطاً وثيقاً أو ما يسميه علماء الموارد البشرية بالعقد النفسي Psychological contract وهو كما يعرفه Mathis AND Jackson, 2006)) «التوقعات غير المكتوبة بين الموظفين وأصحاب العمل عن طبيعة العمل بينهم وكل ما يربطهم من أشياء مادية وغير مادية»، فالموظفون يأملون أن يقدر أرباب العمل تلك الاتفاقية غير المكتوبة، والمنظمة على الجانب الآخر ترجو تحقيق أهدافها. إن الموظفين يحتاجون الأمان, والاستقرار, ويريدون مديرا يثقون به, ويحترمونه , كما أنهم يحتاجون إلى حوافز تنافسية، وعمل أكثر إنتاجية, ومحققا لذواتهم ليحصل لهم الرضا الوظيفي Satisfaction، والذي يشير إلى «اتجاهات الفرد نحو العمل سواء بالحب أو بالكراهية» (كما يعرفه جرين برج وبارون، 2004)
كان الاعتقاد بالسابق - كما أشار الدكتور حسين حريم - إن الموظف الذي يكون راضيا عن عمله سيكون أكثر إنتاجية , ولكن الدراسات الحديثة لم تكشف عن وجود علاقة بين الرضا والأداء، وقد أثارت تلك المسألة اهتمام الباحثين الذين أجروا دراسات مكثفة حول هذا الموضوع، وكشفت دراسات عن نتائج متضاربة وعن علاقة معقدة ليست باتجاه واحد كما يقول الدكتور عبدالله البريدي من جامعة القصيم حيث أشار إلى أنه قد يكون الرضا عاملاً تابعاً وقد يكون مستقلاً وذلك في سياقات مختلفة, ومن ذلك أن الرضا الوظيفي يؤدي إلى تحسين الأداء، وأن الإنجاز العالي مؤشر على الرضاء الوظيفي.
لسنا ,كما يقول الدكتور سعود النمر من جامعة الملك سعود نبحث عن تحقيق الرضا التام ولكننا نبحث عن الرضا الذي يحقق للموظف الإشباع لحاجاته النفسية والفسيولوجية والاجتماعية حتى يكون سعيداً ومنتجاً في عمله وذلك بحسب مبادئ السلوك التنظيمي: إن العمل يمكن أن يكون ممتعاً ومنتجاً في الوقت ذاته.
علاقات عكسية تلك التي تجمع بين الرضا وبين ودوران العمل, والتغيب, والتأخر عن الدوام، فنتاج كثير من الدراسات كشف عن وجود تلك العلاقة. إن العقد النفسي الذي تبنيه المنظمة بينها وبين موظفيها يمكن أن تقودها إلى الحصول على ميزات تنافسية , ويمكن أن يوفر عليها تكاليف باهظة حال الأزمات, ففي دراسة أجرتها (أيكون وكباسكال،؟؟؟؟) على 132 موظفاً بدوام كامل من 85 منظمة مختلفة، وقد انتهت تلك الدراسة إلى أن العقد النفسي يمكن أن يحل بعض مشاكل المنظمات في الأزمات المالية. لا يتوقف الأمر عند حصول الرضا ولكنه يتجاوزه لتحقيق الالتزام التنظيمي الذي يقصد به «اعتقاد قوى وقبول من جانب الأفراد لأهداف المنظمة وقيمها ورغبتهم في بذل أكبر عطاء أو جهد ممكن لصالح المنظمة التي يعمل بها مع رغبة قوية في الاستمرار في عضويتها»، كما يعرفه مادواي وزملائه (Madway, et.-al. 1981)
وفي ضوء كل ما سبق يمكنني التأكيد على أن العقد النفسي من الموضوعات التي لم تنل منا عناية تذكر، وهذا العقد يمكن له أن يؤسس علاقات متناغمة, مشبعة بحمولات سيكولوجية , ويشبع حاجات فسيولوجية واجتماعية, في بيئة عمل مشجعة قادرة على أن تخلق للمنظمة معيارا للتميز بين مثيلاتها وبما يجعلها في وضع يسمح لها بالمنافسة والنمو والتوسع. فكيف يمكن لمنظماتنا أن تفيد من العقد النفسي بطريقة ذكية؟