اعتدتُ ألا أشاهد أي تحليل في قناة رياضية لأي مباراة تهمني، سواءً كانت مباراة للمنتخب الوطني أو مباراة أرى فيها زرقة السماء وزرقة البحر!
ولكن قد أتابع مضطراً لا راغباً جزءاً من تحليل لمباراة أشاهدها عند أصدقاء تجمعني بهم مناسبة أو اجتماع عابر!
وما كان هذا الصدود عن التحليل إلا لسببين لا ثالث لهما وهما:
أن ما يسمى بالتحليل (بعد كل مباراة) يدخل ضمن القاعدة الذهبية التي تعلمتها صغيراً ولم تفارقني كبيراً وهي: هرج بالماضي نقصان عقل، وترجمته للفصحى: الكلام في الماضي نقصان في العقل!
والكلام المقصود في هذا المثل أو النظرية يُقصد به: الكلام فيما مضى من أمور ثانوية، والمباريات الكروية لا شك أنها ثانوية في حياة المرء.
والسبب الثاني لعزوفي عن متابعة التحليلات الرياضية ما أراه تهريجاً بكل ما تعنيه تلك الكلمة من معنى أو حراجاً في أحد الأسواق في مدينة ما من مدن الوطن!
فهؤلاء المحللون هم مهرجون كونهم يتلاعبون ويتقاذفون الكلمات وإن شئت قلت السب والشتم كما يتلاعب المهرج بلعبةٍ ما أمام الجمهور.
وكذلك ما تشاهده من ارتداء بعضهم لملابس مزركشة ولماعة وبراقة يحاولون بها تلميع أنفسهم وقد فاتهم أن المرء تحت (طي لسانه) لا تحت (طيلسانه).
وهم مُحَرِّجون لأن لغة الحوار ونبرته فيما بينهم لا تختلف بتاتاً عن لغة ونبرة المحرجين في سوقٍ ما، فالذي يُسمَع هوالأرفع صوتاً والأكثر تطبيلاً لبضاعته.
حتى وإن كانت كاسدة، وما أكسد بضائع أغلب المحللين الرياضيين!!!
وصل الأمر ببعض الفضائيات إلى أنها أكرمت مشاهديها بعشرة من المحللين الرياضيين في (جلسة واحدة)، وما شاء الله تبارك الله، كل هؤلاء من أطناب وأعمدة الرياضة ومن المراجع الكُبرى في الرياضة أياً كانت محلية أم خليجية أم عربية أو عالمية، فالكل يعرف، وكل واحد هو الصح وغيره الخطأ!
ومما يقرِّب هذا التجمع المسمى (تحليلاً رياضياً) ويشبهه بالحراج والتحريج وعالم المحرجين أن بعضهم يقبل بما يكال إليه من عبارات التجريح والسباب. والهدف هو الإثارة وجذب أكبر عدد ممكن من المشاهدين لهذا البرنامج أو ذاك، وماهذه الإثارة التي يشك المرء أحياناً أنها متصنعة أو متفق عليها إلا عمل أشبه بما يقوم به المهرجون والمحرجون معاً.
حقيقة وبدون مبالغة فالتحليل إن كان هناك تحليل فالأولى والأصوب أن يكون ما قبل المباريات أي الحديث عما سيجري وما سيكون، وأيضاً بعقلانية وأدب ورفق، أما إن صار ما صار فيأتي من يقول: لو أنَّ، ولو دخل أو أ ُدخل فلان وأُخرج علان لكان غير ما كان، فهذا بلا شك يدخل كما أسلفت ضمن:
كلام في الماضي نقصان عقل.
إشارة:
الكلمة مُلكك فإن خرجت مَلكتْك.
عبدالله بن إبراهيم بن حمد البريدي
Al-boraidi@hotmail.com