Friday  28/01/2011/2011 Issue 14001

الجمعة 24 صفر 1432  العدد  14001

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

      

في نقد الفنون التشكيلية لدينا سلبيات عدة، منها وربما أهمها شخصنة النقد، حيث يتجه الناقد إلى نقد شخص الممارس أكثر من نقد عمله الفني أو أسلوبه، كما قد يكون الوضع عكسيا، فيتخذ الممارس موقفا عدائيا تجاه الناقد، لأنه لا يستوعب أو يتحمل انتقاد العمل الفني الذي لا علاقة له بشخص الممارس، بل يكاد يخسر بعضهم علاقات صداقة بسبب مثل هذه الأمور. وقد رأيت بنفسي شخصيات لا تستطيع التفريق بين نقد العمل ونقد الشخص! وهذا بالطبع أحد أسباب تأخرنا عن المجتمعات الأخرى في مجال العمل وسرعة وكفاءة وجودة الانتاج.

ولأضرب لكم مثلا عابرا لا علاقة له بالفن بشكل مباشر، فحين تم تعيين الأستاذة نورة الفايز في منصب جديد وحساس يرتبط بشريحة هامة من المجتمع، وأيضا أثناء إحدى زياراتها الدولية، كانت التعليقات المصاحبة للأخبار موجهة إلى هيئتها وشكلها ولباسها وحجابها، وإغفال تام لما يمكن أن تقدمه امرأة بمثل خبراتها وتجاربها في تطوير التعليم! وبدلا من أن تكون تعليقاتهم نقداً أصبحت انتقاداً وإيذاء...وتناسوا ما رواه أبو هريرة فيما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم:» يا رسول الله إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتصدق وتؤذي جيرانها بلسانها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( لا خير فيها، هي من أهل النار)، قالوا: وفلانة تصلي المكتوبة وتصدق بالأثوار من الإقط ولا تؤذي أحداً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هي من أهل الجنة)». المقصود هنا ونحن في مجتمع إسلامي، يتوجب علينا أن نوجه النقد في اتجاه المصلحة العامة، وأيضا في جوهر الموضوع لا ذات الشخص المرتبط بالعمل حتى لا ندخل في باب الإيذاء على أقل تقدير، وإذا التزمنا جميعا بهذا الأمر، سيكون له بكل تأكيد أثره الإيجابي على سير العمل مهما كان مجاله.

ومن السلبيات كذلك في نقد الفنون هو عدم التخصص، فالنقد يحتاج لأدوات تتيح لحاملها أو متعلمها انتهاج الطريق السليم لقراءة العمل الفني ومن ثم نقده و تقييمه، ولأضرب لكم مثالا آخر على هذا النموذج، أذكر رسالة وصلتني قبل حوالي عامين عبر البريد الالكتروني من سيدة ترغب في التخصص في دراساتها العليا في النقد، وحددت مجال النقد الفني، علما بأن خلفيتها (درجة البكالوريوس التي تحملها) في مجال اللغة العربية، وإذ أسعد بمثل هذا التوجه، إلا أنه يتوجب الإلمام بالمجال ذاته حتى يستطيع الناقد عمل قراءة سليمة ومتكاملة للعمل الفني، فناقدو الفنون في مجتمعنا من متخصصي اللغة العربية إنما هم مجتهدون لا غير، خصوصا في ظل عمق التجربة النقدية في اللغة العربية، والاستعانة ببعض منهم في نقد الفنون البصرية أو التشكيلية، إنما اجتهاد بسبب حداثة تجربة الفنون البصرية لدينا وقلة المختصين مقارنة بمتخصصي اللغة العربية بلا شك، وأشير هنا إلى الاختلاف بين مجال النقد الفني للفنون اللغوية، ونقد الفنون البصرية، فكلاهما نقد لكن المقصود هنا هو مجال الفنون البصرية.

 

إيقاع
النقد ..الانتقاد..والإيذاء (1-2)
د. مها السنان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة