|
حوار - عبدالرحمن العصيمي
أكد المستشار الألماني السابق جيرهارد شوردر متانة العلاقات الاقتصادية بين المملكة وجمهورية ألمانيا الاتحادية، مشيراً إلى أن لقاءه مع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة الرياض كان بناءً وتناقشا حول العلاقات الثنائية، ولم يخفِ المستشار السابق إعجابه الشديد بذوق الأمير سلمان في البناء المعماري لقصر الحكم. وأبدى شوردر في حوار مع الجزيرة رؤيته حول القلق المتنامي حيال تذبذب اليورو ورؤيته الاقتصادية حيال الاتحاد الأوروبي، إلى جانب الحديث حول مذكراته الشخصية التي كتبها مؤخراً، فإلى نص الحوار:
التقيتم أثناء زيارتكم لمدينة الرياض بصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير المنطقة، ما هي أبرز النقاط التي تم النقاش حولها أثناء اجتماعك مع سموه؟
- أبدى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز اهتماماً واضحاً وصادقاً تجاه الأوضاع الاقتصادية في ألمانيا وتبادلنا الأحاديث حول هذه الأوضاع، وشرحت كذلك لسموه الأوضاع السائدة في أوروبا حالياً ومسألة استقرار اليورو. وأبدى لي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان إعجابه بالانضباطية العالية للألمانيين وحرصهم على إتمام الصفقات الاقتصادية في وقتها ومن دون تأخير، وشجعنا سموه على الاستثمار في المملكة العربية السعودية.
ولا أخفيك أني معجب أشد الإعجاب بقصر الحكم في مدينة الرياض وخصوصاً من الناحية المعمارية الهائلة التي يتسم بها القصر والنمط البنائي المذهل الذي ينم عن ذوق عال ورفيع من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان، وكذلك الصور الفوتوغرافية المعلقة التي تزين جدران القصر تتحدث بطريقة رائعة عن تاريخ المملكة العربية السعودية وتحديداً مدينة الرياض.
بعد 77 عاما من تأسيس الجمعية الألمانية للشرق الأوسط والأدنى، إلى أي مدى ترى أن أهداف الجمعية تم تحقيقها وتحديداً الأهداف الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط؟
- لا يمكن تحقيق الأهداف مباشرة وإنما الأمر يتعلق بعملية متواصلة، والجمعية الألمانية للشرق الأوسط والأدنى هي بطبيعة الحال جمعية طموحة جداً وتريد تحقيق أهدافها المتمثلة بتطوير العلاقات بين العالم العربي وألمانيا، وخصوصاً في العلاقات السعودية الألمانية بسبب أنها علاقات متميزة ولها أهمية سياسية واقتصادية بين البلدين.
وهل أثرت الأزمة المالية العالمية الأخيرة على تحقيق أهداف جمعيتكم الاقتصادية؟
- بالعكس، فجمعيتنا تمويلها مضمون ومتيسر والجمعية يحظى بقيادة حكيمة وحريصة على الوضع المالي للجمعية وبالتالي استطعنا إكمال تحقيق أهدافنا كما يجب.
ما مصادر تمويل للجمعية؟
- الجمعية مدعومة من شركات ألمانية مختلفة، ولهذه الشركات أهداف واهتمامات مشتركة بينها وبين الجمعية، والجمعية مسجلة في ألمانيا بشكل رسمي لذلك لا توجد لدينا مشكلة من هذه الناحية، والتنظيم الداخلي للجمعية شديد الترشيد وأكبر مثال على كلامي أني أنا شخصياً لا أتقاضى أي مبلغ مقابل رئاستي الفخرية للجمعية «قالها ضاحكاً».
كيف تنظرون لمستقبل الاقتصاد المعرفي والاستثمار فيه، وعلى وجه الخصوص في المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية؟
- أولاً اسمح لي بالقول إن المملكة العربية السعودية اتبعت ولا تزال سياسة حكيمة ومن أجل ذلك لم تتعرض مثل غيرها من الدول للأزمة المالية العالمية، وفيما يتعلق بالشركات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة فأنا أنصح الشركات الألمانية أن تنخرط في الأنشطة التجارية والاقتصادية المعرفية القوية في المملكة مما يعزز العلاقات الاقتصادية بشكل كبير، وأخص بكلامي هذا الشركات الكبيرة العالمية وكذلك المتوسطة والصغيرة لأن الاستثمار في المملكة يجدي نفعاً ويؤتي ثماره.
وإنني ألاحظ باحترام وتقدير كبيريْن الاهتمام والاستثمار الواضح في مجال التعليم من قِبل الحكومة السعودية وتخصيص 25% من الميزانية العامة للدولة للاستثمار في هذا المجال، وأيضاً من الأهمية بمكان أن هناك استثمار واضح جداً لتعليم المرأة، وخير دليل جامعة الأميرة نورة حالياً.
فيما يتعلق بالتذبذب الحاصل لليورو مؤخراً، ألا يبعث هذا الشيء القلق بالنسبة لكم لاستقرار الاقتصادي في ألمانيا وأوروبا وخصوصاً أنك من الداعين والمؤسسين لعملة اليورو؟
- إن عملة اليورو تمر حالياً باستقرار كبير وسيظل هذا الاستقرار كما هو، ويقف وراء هذا الاستقرار القوة الاقتصادية الكبرى لدول الاتحاد الأوروبي، وهناك 500 مليون مستهلك في دول الاتحاد، والتذبذب الحاصل أمام عملة الدولار موجود أساساً سابقاً، وكانت هناك مراحل في الماضي كان الدولار الواحد فيها يساوي 85 سنتاً فقط، وكانت هناك مراحل أخرى لاحقة كان يساوي الدولار فيها 1،5 يورو، وحالياً سعر اليورو يصل إلى دولار و30 سنتاً مما يعني أن هناك تقييما أعلى لليورو وليس العكس، وبالتالي لا يوجد أية أخطار على عملة اليورو أو قلق تجاه استقرارها. ولا شك أن هناك بعض دول الاتحاد الأوروبي تواجه صعوبات من ناحية إعادة التمويل الاقتصادي والاتحاد الأوروبي في هذا الصدد طوّر آلياته لتقديم المساعدة الكافية لهذه الدول ولا يزال يمضي قدماً في تطوير هذه الآليات وأتوقع أن يحالف النجاح هذه الآليات المتطورة خصوصاً في جنوب أوروبا، وما يجب عمله من القادة الأوروبيين حالياً ليس فقط تنسيق سياسات النقد في أوروبا من خلال البنك المركزي الأوروبي وإنما أيضاً التنسيق ما بين القادة الأوروبيين للسياسات المالية المشتركة وهذا ما يجب العمل عليه بأسرع وقت وهي المسئولية الملقاة على عاتق القادة حالياًً من وجهة نظري.
رأينا مؤخراً مشاركة بعض الدول في رأس مال بعض الشركات الألمانية الكبرى، كشركة مرسيدس والشراكة الحاصلة بينها وبين دولة الكويت، هل برأيك أن مثل هذه الخطوات تشكل حل ناجع لإقالة بعض الشركات بين عثراتها الاقتصادية؟
- ليس فقط دولة الكويت هي المستثمر الوحيد في بعض الشركات الألمانية كما قلت، بل هناك دول أخرى كدولة قطر التي لها بعض الاستثمارات في شركة فولكس واغن وشركة بورشه، وهذا دليل واضح على انفتاح الشركات الألمانية تجاه الاستثمار وأنا شخصياً أدعم هذا التوجه الاقتصادي، وهناك كذلك استثمارات سعودية جيدة في بعض الشركات الألمانية كالقطاع الكيميائي على سبيل المثال.
أصدرتم مؤخراً مذكراتكم الشخصية في كتاب وانتقدت من خلاله سياسات الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش اتجاه الحرب على العراق وكذلك انتقدت للمستشارة الحالية ميركل، هل ترى أن انتقاداتك مبررة؟
- لم انتقد في مذكراتي المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل وتحليت بضبط النفس في هذا الشأن، وبالنسبة للحرب على العراق فلا يوجد هناك أي سبب لجعلي أغير رأيي حولها فلا زلت رافضاً للفكرة من الأساس، وأكرر من خلالكم عدم الرضا وأجدد مخالفتي لهذه الحرب، والأحداث الجارية حالياً سبب وجيه لإثبات صحة وجهة نظري.
***
الضيف في سطور
- ولد في 7 أبريل 1944 في بلدة (مسنبرغ - فورن) بالقرب من مدينة ليبه في ولاية شمال الراين - وستفاليا.
- درس المحاماة ما بين 1966 و1976 في جامعة غونتغن ليبدأ بعدها ممارسة المهنة.
- أصبح شرودر مستشار ألمانيا الجديد في عام 1998 بعد فوز الحزب الألماني الديمقراطي الاجتماعي الذي يرأسه شروردر واستمر حتى عام 2005.
- في عام 2005 وبعد مفاوضات شاقة مع الحزب المنافس حزب الديمقراطيين المسيحيين بزعامة أنجيلا ميركل، قرر الحزبان الدخول في حكومة ائتلاف بدون شرودر وتحت رئاسة ميركل.
- بعد ذلك أعلن شرودر اعتزاله الحياة السياسية وتفرغه للعمل من جديد كمحامٍ، وحرر كتاباً عن حياته والذي أصدره مؤخراً بعنوان: «قرارات مصيرية، حياتي في دهاليز السياسة».
- الرئيس الفخري للجمعية الألمانية للشرق الأوسط والأدنى، وهي جمعية تعنى بتعزيز العلاقات الثقافية والاقتصادية مع دول الشرق الأوسط والأدنى.