سمعت وقرأت شيئاً عن فتيان تعاهدوا على الصحو مبكراً والتوجه للالتقاء في مكان متفق عليه لتبادل الأحاديث ولتشجيع بعضهم على الصحو والحضور، على اعتبار أن الحضور يلزمه الصحو والصحو فقط لا يلزمه الحضور وبالتالي قد يتقاعس البعض عن الوفاء بالالتزام يوماً بعد يوم فيفشلوا وتذهب ريحهم، والمثل يقول: إذا هبت رياحك فاغتنمها، وكان ذلك قبل الاختراعات التي تحرك الهواء، والمعنى أن الفرص قد لا تتكرر ومن الحكمة اغتنامها، وسررت بالتمام هذه المجموعة واتفاقهم على الاستمتاع بسويعات الصباح غير أن خبراً قرأته عنهم يقول (إن كان المصدر مطلعاً): إنهم يجتمعون في أحد المقاهي، وهذا المكان في رأيي قد يشجع بعضهم على تدخين السجائر أو المعسل والإكثار من تناول القهوة والشاي مما يضر بصحة الأجساد الغضة التي يفترض أن تكون متوَّجة بعقول متنورة متعلمة وهم من يرتادون الجامعات والمعاهد ويتعاملون مع وسائل الاتصال الإلكترونية مما يوفر لهم حصيلة معرفية ثرّة، فلعلهم يطورون الفكرة للالتقاء لعمل شيء مفيد لهم ولمجتمعهم كالإرشاد المروري بطرق حضارية، بالتعاون مع جهات الاختصاص، أو أي فكرة خلاقة، فكم تحولت الأفكار البسيطة إلى مشروعات عملاقة، ولي تجاربي المتواضعة التي لا زلت عليها (ما أمكن) ما جعلني أستمتع بسويعات الفجر والإصباح والإشراق بما يملأ وجداني سعادة وحبوراً، ولن أشرح طريقتي فلكل طريقته وظروفه، غير أني أرى أن النوم المبكر نسبياً أصح للجسد والحواس، والاستيقاظ قبيل صلاة الفجر بنحو ساعة فيه جلاء للنفس والقلب وشحذ لقوى العقل، حاول التأمل في ملكوت الله، ابتعد عن حواجز الغرف واخرج إلى الفضاء بأي طريقة ودقّق في النجوم والأشجار وحركة الأنام في بداية يومهم، وتحرك ما أمكن، وبعد صلاة الصبح لا تعد للمنزل مباشرة (إن كان الوقت يسمح لك) فالمشي آنذاك محبب والأوكسجين غزير في الفضاء عبَّ منه ما استطعت لتجدِّد خلاياك وتنشِّط ذهنك، حاول أن تتجه إلى أي موقع تسمق فيه الأشجار وتشرئب فيه الأعشاب والنباتات، شنِّف السمع بألحان العصافير وتأمل حركاتها وقفزاتها ففيها دروس وعبر، وفيها بهجة للعين والفؤاد، وإن لم تجد هذا المناخ حولك انطلق إلى بقعة أو حديقة قريبة منك وإن توفرت مياه جارية فحبذا المنظر وأنعم بالمشهد، فلا أمتع من الخضرة وجريان الماء ومناورات الطيور مع هنيهات الإشراق، وإن أردت مزيداً من المتعة فخذ أحد كتبك واقرأ فستجد أن ما قرأته هناك يبقى في الذاكرة أكثر مما تقرؤه في مكان آخر، جرب ولا تستمع لنفسك وهي تقول هذه مثاليات لا يمكن تطبيقها في أجوائنا وبيئتنا، بل حاول ونظم وقتك، لا أحد يجبرك على السهر والحديث في مسائل مكررة مملولة لا تضيف لك فوائد معرفية، وربما صاحب السهر أشياء غير محببة كالعشاء المتأخر وتناول المنبهات والتأخير عن صلاة الصبح وغيرها، التجربة ثريّة ومفيدة والفتيان قد بدءوا المشوار.
خلاصة القول: جرب الاستمتاع بالإصباح بطريقتك.