ما يحدث في العالم العربي ومن تغيرات دراماتيكية آنية ومستقبلية تكشف بل وتؤكد بأن البنى الفكرية والسياسية بل وحتى السلوكيات الإدارية المنضوية تحت مظلة النظام والحكومات يشوبها الكثير من الخلل والأخطاء التي تظل تتراكم وتتضاعف حتى تتفجر الأزمة وبقوة بعد أن تظهر الحقيقة صادمة للواقع، والتي تؤكد غياب البنوية السياسية والحاكمية الإدارية في العديد من الدول العربية، وهي التي تتعرض للأحداث والمواجهات التي أخذت تتجه للشارع من أجل الحسم.
لبنان الذي يعده الكثير من العرب البلد الأكثر ديمقراطياً إلتزاماً وتطبيقاً، وما كان يمكن أن يُقارن ببلدان عربية أخرى تشهد اضطرابات الآن. فتلك البلدان تشكو غياب الديمقراطية وخنق حرية الرأي والصحافة، أما لبنان فلا يمكن أن تتحدث عن غياب حرية الرأي والإعلام وغياب الديمقراطية مثل بعض البلدان التي ثار شبابها ونزلوا إلى الشوارع. في لبنان الوضع معكوس، إذ إن الجرعات العالية التي حصلت عليها حريات الصحافة والإعلام والرأي، والتوسع بل وحتى الابتعاد كثيراً في الممارسات الديمقراطية قد أوجد ولاءات وارتباطات مثلت اختراقات لقوى دولية وإقليمية نافذة، مما حول لبنان إلى ساحة صراع ومواجهة بين تلك القوى على حساب اللبنانيين أنفسهم والذين فُرض عليهم التوزع بين ممثلي تلك القوى، والذين أصبحوا من يتحدثون ويعملون كواجهات لتلك القوى التي قد تتلبس الثوب الطائفي أو العرقي أو السياسي، فينقسم المجتمع اللبناني موزع الولاءات بين قوى من خارج لبنان.
هذا القوى وبعد صدام المصالح السياسية والاقتصادية لهذه القوى أصبح تعايشها سليماً مستحيلاً، لأن الدول عندما تتصادم مصالحها تلجأ إلى أدواتها المحلية لفرض إرادتها على الواقع السياسي عبر الشارع وحتى عبر الشخصيات السياسية التي كبرت بعد أن أجادت اللعبة الديمقراطية.
JAZPING: 9999