ها هي وزارة التربية والتعليم عن حسن قصد «تعلق» الدراسة يوم الأربعاء 15-2-1432هـ بعد هطول أمطار غزيرة على مدينة الرياض، الحجة طبعاً ما قد يتعرض له الطلاب والطالبات والمدرسون والمدرسات من أخطار أو حتى مضايقات من جراء السيول، وحذت الجامعات حذو الوزارة شفقة بمنسوبيها من الطلاب والهيئة التدريسية.
والآن السبب أن شوارعنا وطرقنا وتقاطعاتها غير مهيأة لاستيعاب المياه المتراكمة نتيجة لتساقط الأمطار، فبدلاً من تهيئتها لاستيعاب الأمطار وتصريفها عند تصميمها ومن ثم تنفيذها، أصبح الإجراء هو تفادي مشكلة بإجراء احترازي ووقائي: تقفل المدارس لأن الشوارع مليئة بالأوحال والمياه. فماذا عسى لو أن أمطارنا تستمر مثلما هو الحال في بعض مناطق العالم، هل سوف نغلق المدارس تبعا لكمية الأمطار المتساقطة وتبعا لتوقعات مؤسسة الأرصاد. عندما كانت الأمطار بدءاً من يوم الاثنين لم يصدر قرار بتعليق الدراسة ليوم الثلاثاء مع أن الفرصة كانت مهيأة بشكل أكثر لهطول المزيد من الأمطار.
لربما مصمم الطريق ومنفذه والمشرف عليه لديهم حجج في عدم تهيئة الطرق لتصريف المياه، ومن ذلك: «أن تساقط الأمطار قليل على هذه المدينة»، أو «أنها موسمية» ومن ثم لا تحتاج إلى تصريف، وقد يقولون: «إذا لسنا في حاجة لأن نصمم طرقا قد تكلفنا أكثر.» ولكن سرعان ما يكذب الواقع هذه المقولات أو الافتراضات أو هذه الخطوط من التفكير، وسرعان ما يعقب فترات الجفاف، أو قلة الأمطار، سيول عارمة وجريان أودية جارفة ومدمرة، وسرعان ما تتكشف عيوب الطرق والتقاطعات الرئيسة، التي تتحول إلى برك ومستنقعات ومصائد للمركبات وتعرقل المرور وتتسبب في زيادة حوادث السيارات وخسائر في الممتلكات والأرواح، وما سيول مدينة جدة، في العام قبل الماضي ببعيد.
وهل سيكون بيد الأرصاد زمام المبادرة في تحديد الإجازات و»تعليق» الدراسة؟ طبعا كل ذلك سيكون في صالح من أخطأ في تصميم وبناء طرقنا ومساكننا وفي صالح الكسالى منا، الذي يقول لسان حالهم: «رب ضارة نافعة».
صحيح في ديار الشرق والغرب يتعطل كل شيء، عندما تغرق شوارعهم بالمياه أو بالثلوج، وتنشل الحركة، أما نحن فلا يأتينا معشار ما يأتيهم من الأمطار وأنواع التساقط الأخرى ومع ذلك نتعطل من جراء قليل من المطر.
لقد لاحظت معبراً على طريق الثمامة صمم بطريقة سليمة فكانت مياه الأمطار مع غزارتها لم ألحظ أية عرقلة للمياه فيه، لاحتوائه على فتحات من جانبيه يتسرب الماء من خلالها، رحم الله من صنع صنعة فأتقنها.
وبشكل عام نلاحظ في شوارع مدينتنا صهاريج للمياه الصالحة للشرب فنعلم أن ثمة أحياء عطشى لا يصل لها الماء أو تنقطع عنها المياه بشكل دوري، كما نرى صهاريج لشفط البالوعات ونعلم أن ثمة مساكن لم تصلها شبكة الصرف الصحي، وفي مواسم الأمطار نلاحظ صهاريج تشفط مياه الأمطار الحائرة في الشوارع والتقاطعات فنعلم أن ثمة شوارع لم تنفذ بشكل صحيح ولم تصرف مياهها. سوق الصهاريج رائجة في عاصمتنا وكذلك الحواجز الأسمنتية التي نراها في كل شارع وفي كل منعطف، صحيح أن مصائب قوم عند قوم فوائد.