Tuesday  25/01/2011/2011 Issue 13998

الثلاثاء 21 صفر 1432  العدد  13998

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

كنت قبل عدة سنوات قد عملت مع بلدية سياتل بولاية واشنطن الأمريكية ضمن منحة تدريبية في الولايات المتحدة الأمريكية. وكانت التجربة تؤكد أن التخطيط ما لم يكن منظماً بطريقة إدارية متكاملة فإنه لن يؤدي دوره المطلوب. وفي تلك الفترة تقدم أحدهم لرغبته بإعادة تجزئة أرض خاصة به وكان النظام في تلك المنطقة من المدينة لا يسمح بذلك فكل أجزاء المدينة منظمة بكثافات محددة واشتراطات محددة ولا يوجد قرارات عامة أو تعاميم على مستوى الولاية تسود فوق تلك الأنظمة. فالتغيير في الأنظمة لا بد أن يمر خلال المجلس البلدي ولا بد من إقراره حسب اشتراطات محددة ... وقد تحدث استثناءات إذا كانت تخدم المصلحة العامة ويطلع عليها الجميع ويقتنع بها المجلس البلدي وناخبوه.

وحين طلب ذلك المتقدم تجزئة أرضه بلغنا رئيس إدارة التخطيط في تلك المدينة بأن تلك القطعة من أواخر القطع التي لم تطور وأن البلدية سبق أن سمحت لمالك آخر قريب من الموقع بتجزئة أرضه بسبب تقديمه خدمة لسكان المدينة ... (فهناك في الغرب من الملاك من يقدمون خدمات كثيرة لمدنهم كبناء روضة أطفال فيه بالتبرع بجزء من مالهم أو ملكهم أو أي خدمات أخرى تنفع الناس) ... وكان من الممكن رفض طلب ذلك المتقدم بسبب مخالفته للنظام لكن يوجد في تلك البلدية فاحص خارجي لديه تأهيل قانوني وعمراني وخلفية قوية بكل قرارات البلدية السابقة وهو أقرب ما يكون لقاضٍ عمراني. وحيث إن تلك الأرض كانت من أواخر الأراضي التي لم تطور فقد وافقت البلدية على الطلب لكن ضمن اشتراطات تضمن حقوق المجاورين وعدم إلحاق الضرر بهم سواء بمواقف السيارات أو المداخل والمخارج أو أي تأثير آخر .. وهذا أمر قد يحدث في تلك المدن ما لم يعترض المجاورون (عادة توضع لوحة على الأرض توضح ماذا سيتم بها قبل صدور قرار تخطيطي يخصها). وأحد الأسباب الرئيسية وراء موافقة البلدية هو إمكانية الفاحص المستقل أو قاضي العمران بنقض قرار إدارة التخطيط. وإذا تم نقض القرارات التخطيطية لأي مسؤول في الجهاز البلدي فإن أمين المدينة المنتخب سيواجه حرجاً مع ناخبيه لأن ذلك سيدل على عدم كفاءة التكنوقراطيين الذين اختارهم لتطوير مدينته مما قد يفقده هو أيضاً فرصة إعادة الترشح.

وما نود الوصول إليه في ذلك المثال أن النظام التخطيطي في المدن إذا كان شفافا ومحكوما بإجراءات معروفة للجميع فإن ذلك سيكون سبباً في نهوض المدينة وتطورها وتحقيقاً لمبادئ المساواة والعدالة بين جميع الأطراف ولن تكون هناك ملامة كبيرة لمسئولي البلديات في التأخير أو التظلم لأن هناك نظام قضائي عمراني سيحكم في أي موضوع عمراني مرتبط بإجراءات ونتائج القرارات التخطيطية في البلدية المعنية. وقد يكون مناسباً لبعض مدننا أن تحذو بهذا الاتجاه من خلال تأهيل قاضٍ عمراني بخلفية شرعية قوية وتأهيل عمراني عالٍ وعلى اطلاع كامل بكل الإجراءات والحالات التي تمر على البلدية ثم يحكم بما أنزل الله في أي تظلم لأي مواطن أو مستثمر مع أي جهاز بلدي... وقد يكون هذا سبباً في مساعدة العديد من قيادي البلديات في التفرغ لتطوير المدن بعيداً عن المراجعات والمطالبات والتي تستهلك وقتهم وجهدهم وصحتهم في أحيان كثيرة. وما لم يتم تطويرالأنظمة البلدية لاستيعاب تلك المتغيرات فسيكون الصعب لمدننا أن تلحق بغيرها ممن سبقنا في ذلك المجال.

(*) عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود

 

القضاء والبلديات في تخطيط المدن
د. خالد بن سكيت(*)

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة