أن فضل الإمامة عظيم، وقيام المسلم بها إذا توافرت شروطها يحقق الكثير من الأهداف التي من أجلها شُرعت الصلاة. فالإمام له رسالة عظيمة في أداء الشعيرة وخصوصاً عندما يكون متخصصاً في علوم الشريعة، وحافظاً لكتاب الله، وملماً بالسنة النبوية وفنونها الذي سوف ينعكس على جودة الأداء الذي ينشده المأمومون في صلاتهم باعتبار الإمام قدوة للمصلين في كل شيء حتى مظهره وأناقته، لأنه يُفترض أن يلمَّ كلَّ المقومات السلوكية التعبدية وتحويلها إلى ممارسة في تعامله، فصلاته هي المناخ المناسب لرسمها أمام المصلين لمحاكاتها والاقتداء بها. وكم رأينا عينةً من هؤلاء الذين أكرمهم الله بأن يكونوا ممن شرفهم الله بالظفر بالعلم الشرعي وحفظ القرآن والإلمام بالسنة النبوية، تجدهم مؤثرين في قراءتهم للقرآن، وكذلك عندما يؤمون المأمومين بالصلاة فتجدهم يشد الانتقال إلى مساجدهم مهما كان الزحام عندهم، لأن المأمومين يهمهم الإمام الجيد الذي يتمتع بهذه الصفات. وهذا بفضل الله ثم بفضل الاهتمام والدعم الذي حظيت به مدارس تحفيظ القرآن والجمعيات الأخرى التي تقوم بتعليمه وتحفيظه، فأصبح يوجد في المملكة العربية السعودية فئة ليست بالقليلة تتمتع بالقرآن قراءة وحفظاً وتلاوة وترتيلاً، والبعض من هؤلاء هم أئمة لبعض المساجد الذين توفرت فيهم شروط الإمامة التي بيَّنها رسول هذه الأمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في قوله فيما معنا: (أولى الناس بالإمامة أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأكبرهم سناً وأقدمهم هجرة). هذا الحديث يجهل معانيه كثير من الناس، حيث إنهم يركزون على أشياء ظاهرية ليست من شروطها. وما أقصده في هذه المقالة هو أن يتصدى العلماء لهؤلاء الجهلة الذين يحكمون على الناس من خلال أشياء ظاهرية والتي نشاهد ممارستها عندما تفوت الصلاة عند البعض من المصلين فتجد أحدهم يقدم نفسه دون إذن ممن فاتتهم الصلاة معه ولكنه يرى أنه أفضل منهم لأنه حكم عليهم من خلال مظهرهم، وهذه الظاهرة مشاهدة في الكثير من المساجد والمواقف التي تجمع الناس لأداء الصلاة.
* مكتب التربية العربي لدول الخليج