تطرأ أحلام كبيرة عن مستقبل الإثمار النوعي, والشامل المتوقع من الجيل الراهن, الذي تبدو حركة واسعة النطاق بين مؤسسات المجتمع، الرسمي منها والخاص، وهي تسلط جهودها، تحصرها لإنماء مصادر تلقيه واكتسابه، وتنميته الذاتية بحيث تستديم هذه التنمية، فتغدو في المستقبل نتاجاً مثمراً على أصعدة ليست تنحو فقط لجانب المال، وما يرتبط به من الصناعة, والتعمير، بل بذاتية الفرد, وإنتاجيته, على مستويي الإبداع، والابتكار..
وهو توجه جاد، وإن جاء متأخراً في مناح منه, ليست تغيب عن أذهان المحتكين بالتعليم ومخرجاته، وبالإعلام ومنتجاته، ومداراته، وبسوق العمل وانغلاقاته، وشحه ومحدودية استقطاباته، وقلة مصادره،...
ولأنه حضر في وقت تتجه معه جميع جوانب المجتمع، فهو بلا ريب منوط به تنفيذ الأحلام, ووضعها على أرض الواقع، ومن ثم تسيير قوافلها لتصبح حقيقة واقعة..
لكن الناس تكثر من الكلام، وتضخم في العبارات، إذ لا تزال هناك عثرات كبيرة، وأكيدة أمام فئات كثيرة من أعضاء هذا الجيل، مثل فرص الدراسة في مجالات الرغبة، وتقييدها بشروط لا تقل ضيقاً عنها, في مجال وجود الدخل المناسب بعد الحصول على سقف من التعليم لا يقل عن المرحلة الثانوية، ومن أهمها أن الشروط التي وضعت في غفلة منهم، وهم في المقابل, لم تعدهم لها برامج المناهج الدراسية، ولم تدربهم عليها طبيعتها, ولا محتوياتها, بل لم تُعنَ بها أنشطة التعليم، ولا خططه، كإتقان مهارات اللغة الأجنبية، والتعامل مع تقنية العصر، ومهارات التفكير الفعال، والتعبير عن الذات بوضوح، ونحوها مما يعد قصوراً في التأهيل، وتأخراً في مناهجه, وآلياته, ووسائله، حيث يندرج فيه الجميع منهم، عدا تلك الجهود الفردية التي تعد نادرة, عنيت بفئات قليلة منهم, مقارنة بأعداد أفراد الجيل بين السكان،.. فتمكنت من تأهيلهم، والعناية بمهاراتهم، وإعدادهم فأصبحوا صنع والديهم وما أقلهم عدداً.. مثل هؤلاء خرجوا بمؤشر أخضر من مآزق المواجهة مع الطارئ المفاجئ، عندما زُجُّوا في اختبارات لغات أجنبية على مقاييس عالمية على سبيل المثال، بينما الذين لم يؤهلوا فشلوا، وتأخرت نتائجهم عن خط الاجتياز, لأنهم خارج نطاق معاييرها، لا معرفة, ولا خبرة، ولا تأهيلاً، ولا تدريباً..
ولكي تتحقق أحلام خلف عبارات ضخمة يرددها كل ذي صوت عن مستقبل الجيل.., لابد من إتقان التخطيط، ومن ثم صرامة الإشراف على التنفيذ، وعدم التهاون بمقدرات الشباب، وفي المقابل، التخطيط لاستقبالهم في سوق عمل متاحة فيه لهم كل الفرص.., إن لهم حقاً واجباً أن يعيشوا سعداء..
إن التهيئة لسعادة الإنسان..., تتطلب ضمن أهم، وأول شروطها القضاء على مبدأ الربحية, من قبل الذين يقومون على تهيئة كل مجال له علاقة بصناعة الفرد, منذ نعومة أطرافه، واستبدال الربح، من خانتهم ووضعه في خانة هؤلاء الذين يمثلون المستقبل, ليكون المستقبل هانئاً بهم, وعنهم... ويحق حينئذ للأحلام أن تستقر وتتجسد.