بالرغم من أني بعيد كل البعد عن تلك المدينة التاريخية مأوى أقطنه أو عمل أتردد عليه غير أني كنت معجباً بما شاهدته بأم عيني وشممته بفتحتي أنفي.كنت زائرا يوم الخميس الفائت لأحد الأصدقاء، ولم يكن موعدي مرتبطا ومحددا بزيارته في منزله، بل كان التنسيق والرغبة من الطرفين أن تكون قهوتنا في أحد المقاهي والجلسات المخصصة هناك، ركب معي، وبادرته السؤال قائلا : هل هناك (كوفي) مخصص لغير المدخنين ؟ لأني من مبغضي النيكوتين وكارهيه والمتقززين منه ومن رائحته، فأجابني الدرعية (ليس فيها محل بيع تبغ وليس هناك مكان للمدخنين ).لم أقنع بعد، مع أن اللافتات كانت من أمامي، وعلى يميني وشمالي تشير لذلك، توقفنا أخيراً أمام أحد المحلات وطلبنا القهوة وبدأنا بالحكاوي والحوار وكان حينها رواد من الشباب يدخلون ويخرجون من المحل الذي كنا بداخله ومعهم طلباتهم من القهوة والكريمة، ويظهرعليهم سمات المدخنين غير أنه ليس فيهم من كان ممسكاً بالسيجارة .
فلما فرغنا وأردت أخذ زميلي معي بالسيارة لمنزله، وودعته تساءلت مع نفسي كيف تم ذلك ؟ وما هي الوسيلة والنهج الذي اتبعه صاحب القرار ؟ وكيف تحقق ذلك ؟ ومتى؟ وكيف؟وهل كان قراراً قسرياً ؟ أم توعوياً ؟ وهل القرار عبارة عن تجربة ؟ أم على الدوام ؟ وهل هناك عقوبة مترتبة على المخالف ؟ أم ليس هناك ؟...
في الحقيقة لم أستطع الإجابة عن كل ما طرحته على نفسي من تساؤلات، بل ليس يهمُّنا أن تكون هناك إجابة لدي أو تغيب عني ، المهم ما الذي يحدث هناك ..، وما هي النتائج التي آنستنا وأسعدتنا وأفرحتناوحمتنا من روائح التبغ (المنتنة القاتلة ) لشاربها ومستنشقها .
ليس لدي أدنى شك أن لمحافظها سمو الأمير أحمد بن عبد الله، وبتوجيهات من أمير الرياض وقائد نهضتها هناك دور بارز ومميز في تفعيل القرار والعمل به والتوعية بشأنه، والإلزام به، وإلا ما حدث ذلك ؛ هنا فقط وفي الواقع تعرف دائماً الفرق بين الحقيقة والخيال وبين الملموس والمسموع في كثير من القرارات والتحذيرات .
فقط في ختام مقالي أود الإشارة إلىكيف تحقق ذلك القرار، وبأي شيء تم (عبارة عن تخمين مني ) ..؟
أستطيع أن أقول بالخطوات المحدودة التالية : رغبة تلتها فترة تخطيط تبعتها فترةكيفية تنفيذ، وأخيراً انتهت بالقرار والتطبيق .. ويبقى في الخاطر حلم وأمنية وهو هل يمكن أن نحلم بتعميم التجربة على الرياض بأكملها ؟ أم الواقع يرفض حتى الحلم والأماني ؟!