بمحض الصدفة كنت أقرأ هذه الأيام رواية (أم الغيث) للزميل القاص عبدالرحمن العكيمي التي أهداها لي أثناء اللقاء الثالث لندوة الحوار الفكري التي أقيمت مؤخراً في جدة، وأم الغيث لمن لا يعرفها هي (طوطم) خرافي عبارة عن شكل هيولي لامرأة كان يحملها أطفال العرب في الجاهلية ويدورون بها حول المضارب منشدين أناشيد دعائية يستدرون بها عطف الإله أن يمنحهم (الغيث) إذا ما تأخر هطول المطر وهي عادة وثنية - والعياذ بالله - إلا أنها أصبحت بعد الإسلام مجرد طقس احتفالي بمجيء المطر يقوم به أطفال البوادي كنوع من التقاليد ليس إلا.
وقد أضاء الزميل العكيمي على هذه العادة المنقرضة التي تذكرنا بأحزان البدو في مواسم القحط والجفاف بشكل درامي موجع، إذ ليس هنالك حزن أشد من حزن سكان الصحراء، وكذلك الارياف إذا تأخر المطر، وبالرغم من جمال الرواية الا أن الدخول في تفاصيلها يريد مزيداً من الوقت والمساحة أيضاً، ما علينا من ذلك كله، بل إن الذي علينا بمناسبة هطول المطرعلى رياضنا الحبيبة وبعض مناطق المملكة أن خادم الحرمين- شفاه الله وأعاده لنا سالماً غانماً-، دعا إلى صلاة الاستسقاء وهو يعالج في أمريكا، ووجه للأمير سلمان- حفظه الله- أن يؤم المسلمين بهذه الصلاة، وأن يبتهل الجميع إلى رب العزة أن يمن على بلادنا بالغيث والخير والبركات.
وقد استجاب الله سبحانه وتعالى لدعاء المسلمين الذين أدوا صلاة الاستسقاء وانهمر المطر مدراراً على العباد والبلاد وفي هذا الصدد - أي صلاة الاستسقاء والاستجابة كلنا يذكر ما حدث في مدينة جدة في العام الماضي حيث ادعى (بعض المرجفين والتأويليين) أن ماحدث من غرق هو عقاب لأهل جدة على ما يرتكبونه من أمور (إ هـ.؟!)، وقد قالوا وبنفس الارجاف إياه أن تأخر المطر في هذا العام هو بسبب ما ارتكبه أهل مزاين الإبل من بذخ لا يرضي الله (!!)، ولكن رب العزة خيب إرجافهم وجاد على المسلمين بالمطر والخير، وهؤلاء المرجفون هم الذين قالوا قبل أكثر من قرن ونصف أن انقطاع المطر عن بلاد الحريق ونعام هو بسبب أشعار محسن الهزاني الغزلية، وقد صلوا صلاة الاستسقاء ولم يستجب لهم الله سبحانه وتعالى، فقام الشاعر وجمع بعض الأطفال والكهول والماشية واتجه نحو مرتفع وأقام صلاة الاستسقاء فما أن انحدر محسن حتى هل الغيث مدراراً على أهل ديرته ولله في ذلك حكمه، ومن يومها ومحسن لا يقول إلا شعر النصيحة والحكمة والدعاء ونكمل لاحقاً.
