أعود لكارثة جدة مرة أخرى، فلقد صرفت وزارة المالية مبلغ 116 مليونا، وهو المبلغ الذي أمر به خادم الحرمين الملك عبد الله كتعويض لضحايا سيول العام الماضي، للمحاكم المختصة في المنطقة الغربية، وذلك لتوزيعها على أهالي المتوفين، ولكن المبالغ لم يتم تسليمها حتى اليوم. وربما يتوقع البعض أن السبب هو إجراءات إثبات الوفاة أو حصر الإرث أو غيرها من المتطلبات التي يجب استكمالها قبل عملية الصرف، ولكن: هل مثل هذه الإجراءات تتطلب عاماً كاملاً لكي تنتهي؟!
أحياناً، تذهب بسيارتك إلى الورشة، لتصلح عطباً بسيطاً ما، فيقول لك فني الصيانة: أنت محظوظ لأنك أحضرتها، فهناك عطب كبير على وشك أن يحدث، وكان بإمكانه أن يودي سيارتك بستين داهية. وهذا فيما يبدو ما يجب أن نفعله مع المحكمة المسؤولة عن توزيع تعويضات الضحايا. فما دام إنهاء أوراق بسيطة لمتضرري كارثة، سيأخذ كل هذا الوقت، فهذا يعني أن هناك خللاً كبيراً في أنظمة الإجراءات العدلية، يجب الالتفات له سريعاً، قبل الستين أو السبعين داهية.
أظن أننا لو واصلنا التحدث بهذه اللهجة «المسكينية» مع الجهات الحكومية، بخصوص تقصيرها في أداء الخدمات، فإننا لن ننجز شيئاً في مجال التغيير. على الإعلام ووسائل الإعلام أن تطور في آلياتها النقدية، وأن تكون أكثر قسوة في كشفها وعرضها للسلبيات، حتى ولو استدعى الأمر نشر أسماء المقصرين وصورهم.