فاصلة:
(الحرية هي السيطرة التي نتمتع بها على أنفسنا)
- حكمة هولندية -
ما حدث في تونس من انتفاضة شعبية لا يعد حدثاً غريباً أو استثنائياً، ففي كل مكان في العالم ينتفض الإنسان ويرفض الظلم والقهر، والشعوب هي في الأصل إنسان في بقعة من الأرض يريد أن يعيش بأمان.
وعلى مستوى حياة الإنسان اليومية لا يستطيع الإنسان السكوت على إحساسه بالقهر والظلم وسكوته غالباً هو انتظاره للوقت المناسب ليكسر الحاجز النفسي في داخله تجاه الرفض وينتظر الفرصة السانحة ليخرج من خندق الاستسلام.
الدكتاتوريون يعتقدون أن سكوت ضحاياهم هو ضعف بينما هو استجماع لقواهم خصوصاً والذي يعتقد أنه قوي فيبطش ويتمادى في بطشه وظلمه ولا يتوقع من أولئك الذين تعايشوا مع ظلمه أن يعترضوا يوماً، هو في الحقيقة يحاول أن يصرخ فيغطي بصراخه أنين ضعفه الداخلي.
ولكن كيف يلد الإنسان الدكتاتور وكيف يعيش حياته ويستضعف من حوله؟
الطفل الذي مُنع من أبسط حقوقه وهو حق التعبير عن رأيه فيما ما يرى ويسمع وظل طوال عمره لا يسمع سوى التحبيط من ذاته كيف ستكون حياته سوى إسقاط على من حوله وتنفيس عن الظلم الذي عاناه بظلم الآخرين والعدوانية على كل من حوله بينما هو في الأعماق طفل لم ينس أنه تجرع الظلم والقهر طويلاً ولم يهنأ بالتمتع بالحرية والكرامة.
تاريخ الزعماء الدكتاتوريين هو تاريخ الإنسان المقهور الذي لم يستطع أن يكون قوياً في طفولته فكبر ومارس الظلم والقهر على سواه لأنه لم يعرف يوماً معنى الحرية فكيف يسمح للآخرين المستضعفين أن يعيشونها وهو لديه سلطة عليهم في حياتهم.
إنما لأن هناك خالقاً مدبراً لهذا الكون فلا يستمر الظلم ولا يدوم قهر الإنسان ولا بد من أن ينجلي ظلام الليل فقط قبل ذلك تأتي إرادة الإنسان ليقف في مواجهة الظلم بيقين قوي في عدالة الله.