|
الجزيرة - خاص
أكَّد جوردن براون رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، أهمية تبني نظام مالي صارم يسهم في التحذير المبكر من أي مشكلات مالية قد تقع في المستقبل، مبينًا أن ما حدث في السوق الأمريكية خلال الأزمة المالية ناجمٌ عن وجود ضعف في تقدير حجم المخاطر بشكل صحيح، إضافة إلى وجود سلوكيات خاطئة في عمل البنوك، وهو ما جعل الأزمة متفاقمة إلى ذلك الحد الذي شهده العالم وتأثر به بشكل كبير.
ودعا براون خلال الجلسة الأولى التي قدّمها معالي الأستاذ عبد الله زينل وزير التجارة والصناعة ضمن فعاليات المنتدى العالمي لريادة الأعمال والاقتصاد المعرفي في جامعة الملك سعود، إلى ضرورة التركيز على مشاريع ريادة الأعمال وضرورة تشجيع الصناعات القائمة على الاقتصاد المعرفي، وإلى ضرورة وجود تعاون بين الحكومات والأسواق الدولية ومحاولة تجنب عوامل المخاطرة التي تسببت في الأزمة المالية العالمية.
وعدّ المشكلة لدى الجامعات في أنحاء العالم المختلفة هي أنها لم تتوصل إلى طريقة مثلى للتواصل والالتقاء مع قطاعات الأعمال المنتجة، وأن المشكلة الكبرى تتمثل في كيف يمكن للجامعات أن تسهم بدور أكبر في الاقتصاد الوطني، مجيبًا عن ذلك بالقول: إن ذلك يكمن في تقديم سلسلة من الحوافز والتشجيع وإقامة مزيد من علاقات الشراكة مع قطاعات الأعمال والمشاركة بشكل أكبر مع الآخرين وهو في النهاية ما سيعمل على تسهيل نقل وتوطين التقنية من خلال مزيد من المشاريع الصغيرة ومنحها الحوافز للتوسع في العمل والإنتاج.
المملكة نموذج يحتذي به في تشجيع مبادئ التنافسية وإنشاء الحاضنات التقنية والعلمية:
وقال براون: إن على تلك المنشآت والمشاريع الصغيرة أن تعمل الآن على أسس بحثية أكثر من أي وقت مضى وأن تعمل الحكومات على تشجيع مبادئ التنافسية وإنشاء الحاضنات التقنية والعلمية لخلق علاقات متفاعلة ومتوازنة بين قطاعات الأعمال والجامعات تنجم عنها تطبيقات ومنتجات تعود بالنفع على المجتمع والاقتصاد الوطني والدولي.
ونوّه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق مجددًا باستثمار المملكة في الاقتصاد المعرفي وحرص قياداتها على تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد إلى ما لا نهاية على الموارد الطبيعية واتجاهها بشكل قوي وكبير للاستثمار في العقل البشري وتطوير قدرات مواطنيها العملية والعملية، داعيًا في الوقت ذاته إلى ضرورة العمل من أجل نشر ثقافة الاقتصاد المعرفي وتشجيع وجود أعمال مشتركة بين الجامعات والمراكز البحثية وبين القطاعات المنتجة لخلق مزيد من الفرص وطرح مزيد من المنتجات وهو ما تقوم به المملكة حاليًا في سعيها بشأن نقل التنمية المستدامة إلى مجالات أكثر ربحية وتنافسية في المستقبل.
وتوقع أن تقوم دول كالمملكة بدور أكبر في الاقتصاد العالمي وتسهم في الحد من آثار الأزمة المالية العالمية، لافتًا إلى أن في المملكة مواهب كبيرة يمكن تطويرها واستثمارها عبر التعليم الذي كلَّما كان متطورًا أكثر أصبح بإمكان المملكة تحقيق ما تصبو إليه من خلال التعليم والتدريب المستمر والمشاركة في الجوانب العلمية والعملية مع الآخرين.
الرؤية الخاصة لجامعة الملك سعود حققت لها المكانة العالمية في التصنيفات الدولية ويشيد بتأسيس مركز الأمير سلمان لريادة الأعمال وأضاف قائلاً: إنه لا يملك إلا تسجيل الإعجاب بالإنجازات العلمية التي حققتها جامعة الملك سعود وتقدمها المستمر في تصنيفات الجامعات الدولية المختلفة وبالرؤية الخاصة التي وضعتها الجامعة لنفسها بهدف تسخير إمكاناتها العلمية والفنية وتوجيهها نحو إنتاج سلع وخدمات تسهم في تلبية الطلب المحلي وتعمل على إتاحة مزيد من فرص الاستثمار والوظائف أمام الشباب والشابات، وأثنى على تأسيس الجامعة لمركز الأمير سلمان لريادة الأعمال وتأسيس جمعية بذلك، مؤكدًا أن ذلك سيكون له مردودٌ على المجال الاقتصادي في المنطقة.
رؤية ثاقبة لخادم الحرمين الشريفين في تطوير التعليم:
ونوّه براون بما توليه حكومة المملكة وقيادتها من اهتمام ودعم للتعليم، قائلاً: إنه لا يزال يتذكر الكلمات التي جاءت في لقاءاته السابقة مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- الذي كان دائم التركيز على ضرورة استفادة المملكة من التجارب العالمية في مجال تطوير التعليم العام والعالي.
وأشاد رئيس وزراء بريطانيا الأسبق بالرؤية الثاقبة لخادم الحرمين الشريفين لتطوير التعليم وبذل كثير من أموال الميزانية العامة لتطوير المدارس والمعاهد والكليات والجامعات السعودية، حيث يرى أن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي استفادت منه عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات الذين بعثوا إلى جامعات العالم المختلفة سيسهم في تسريع وتيرة انتقال المملكة إلى الاقتصاد القائم على المعرفة ونقل المعرفة إلى الأجيال المقبلة والناشئة في المملكة بما يعود نفعه في نهاية الأمر على الاقتصاد الوطني السعودي الذي سيستفيد من تعدد فرص الاستثمار الواسعة والعديدة أمام الشباب.
وأوضح براون أن مساهمة الدول في الاقتصاد المعرفي لا تعتمد بالدرجة الأولى على قوة تلك الدول سياسيًا واقتصاديًا، بل تعتمد على قوتها المعرفية ومدى قدرة جامعاتها على تخريج كوادر مؤهلة ذات مبادرة لتطوير قدراتها واستشراف وسائل عمل ومشاريع جديدة تسهم بدورها في خلق مزيد من الفرص وترفع دخول العاملين في مجالات الاقتصاد الجديد.
الاستثمار في العقل البشري:
وأفاد رئيس وزراء بريطانيا الأسبق أنه يلحظ تزايد مساهمة الدول الصغيرة والناشئة في الاقتصاد العالمي التي تعمل على إضافة قيمة مضافة إلى الاقتصاد نتيجة لاستثمارها في العقل البشري وتطوير قدرات مواطنيها خصوصًا أن العالم أصبح يركز بدرجة أكبر على المعرفة أكثر من الموارد الطبيعية وطرق مجالات لريادة الأعمال من قبل الشباب المتعلم، وهو ما يشكل تحولاً كبيرًا غير مسبوق في الاقتصاد العالمي، مشددًا على أن المملكة بما تمتلكه من ثروات طبيعية وبما تعمل على تحقيقه في مجال تطوير قدراتها البشرية تسير في الطريق الصحيح لتكون من بين أهم المساهمين في الاقتصاد القائم على المعرفة في المستقبل..
قناعة قادة المملكة بتنويع مصادر الدخل:
ولفت إلى أن قادة المملكة لديهم قناعة أن الوقت قد حان لتنويع مصادر الدخل بدلاً من الاعتماد على النفط، قائلاً: إنه لا يستغرب اقتحام المملكة تقنيات النانو وتوليد الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية المتسمة بأنها طاقة نظيفة وآمنة ومتجددة ومجالات أخرى عديدة، حيث أبدى إعجابه بمواصلة المملكة طرق هذا المجال الذي يُعدُّ أحد استثمارات المستقبل المهمة، التي من شأنها إيجاد فرص لتعزيز التعاون بين الجامعات السعودية ونظيراتها في العالم من أجل سد الحاجة إلى ضرورة توافر منتجات تقوم على الاقتصاد المعرفي وتشكل قيمة مضافة إلى الاقتصاد الوطني خصوصًا في ظل وجود قناعة لدى قادة المملكة بضرورة تنويع مصادر الدخل وضرورة قيام الجامعات والمراكز البحثية السعودية بدور كبير في هذا المجال تضاف إليها قناعة الجامعات السعودية بضرورة توسيع المشاركة مع قطاع الأعمال بهدف تحقيق مفاهيم ريادة الأعمال.
التوسع في التعليم الجامعي:
وأوضح رئيس الوزراء البريطاني الأسبق أن ما قامت به الحكومة السعودية من جهود كبيرة لتوسيع فرص الالتحاق بالتعليم الجامعي لدى مواطنيها بحيث ضاعفت أعداد المقبولين بنسبة 30 في المئة متجاوزة النسبة العالمية 20 في المئة هو ما يمنح مزيدًا من الشباب فرص مواصلة التعليم النوعي ويشير من ناحية أخرى إلى توجه الحكومة السعودية إلى الاستثمار في العقل البشري.
وأضاف أن للحكومات دورًا كبيرًا في العولمة والاقتصاد المعرفي، والاحترام المتبادل للاختلاف بين الثقافات المختلفة بناء على المبادئ العالمية والفهم العالمي، ويجب علينا التفكير في مستقبل أفضل، وتقبل آراء وأفكار الآخرين، ويجب علينا أن نثق بالأصدقاء لأنَّ أفكارهم تدعمنا في المستقبل، وإعداد الجيل الجديد لإدراك أن اقتصاد المعرفة لا يمكن أن يوجد من دون مجتمع منفتح عالمي، هذه أسئلة صعبة وتحديات يجب أن نواجهها.