يقال في الحكمة الصينية: «حقيقة الأشياء في الواقع بقدر ماتراه أنت في خيالك» وصلتني رسالة من أحد طلبة التسويق بجامعة الملك سعود يقول فيها: «لقد اطلعت على مقالك الأسبوع الماضي فأعجبني فكرته والربط بين تجارة الماضي والحاضر، ولكن أليست تجارة اليوم تحتاج لرأس مال ولأساليب تسويقية تختلف عن تجار الأمس والذين كانوا يعملون بشكل تقليدي وكل مافي الأمر أنها عملية مجهود بدني مع عزيمة وشجاعة، ياتصيب ياتخيب، هذه تجارتهم لا أكثر!». انتهت رسالته وللعودة لتجار العقيلات الذين كتبت عنهم الأسبوع الماضي من خلال الربط بينهم وبين تجار اليوم عبر بوابة مطار القصيم الذي تم تطويره ليكون مطاراً دولياً والذي سيساهم في النمو الاقتصادي للمنطقة والذي اعتبرته بمثابة الإعلان عن عودة روح تجارة العقيلات من جديد! ولنا أن نستذكر بيتا شعبيا لشاعر من تجار الأمس يقول فيه:
لا قرَّب المطراش، إحبِل لكوبان
جنبٍ سمين، وحُط فوقه فقاعه!
وإنه لمن حق طالب التسويق أن يتأمل معنا هذا البيت الشعبي والذي يكشف لنا عن المعرفة التسويقية لدى هذا التاجر الشاعر» حسب أدوات عصره طبعاً» فكان معنى كلامه» إذا حان وقت بدء قوافل العقيلات وذلك بتعبيره بكلمة المطراش فعليك أن تقوم بدعوة الممول الذي أسماه كوبان باعتباره ضحية بقوله إحبل أي ضع له مصيدة وهي من باب السخرية ويقصد بالمصيدة الوليمة المتكونة من جنب خروف سمين من فوقه الفقع الكمأة!
أي بلغة التسويق اليوم: ضع في خطتك التشغيلية مهمةً ترتبط بالموسم بالنسبة للشريحة المستهدفة، وقم بعمل مناسبة بإحدى فنادق الخمس نجوم لعملائك الرئيسيين، وقدم عرض presentation، مع بعض الهدايا واستعرض نقاط القوة لمشروعك لتحصل على العقود التي تريد، وكذلك مع الممولين أيضاً والحق أن شاعرنا كان يقوم بعملية ماركتنج بالشعبي!
يقول أحد كبار المصرفيين «من لم يستطع إقناع الممولين بمشروعه، فلن يستطيع إقناع عملائه!» وقد قيل إنه تم رفض طلب تمويل والت ديزني من البنوك والممولين أكثر من 500 مرة!
أذكر أنه عندما تمت استضافة الشيخ سليمان الراجحي قبل حوالي 6 سنوات في غرفة الرياض لطرح قصة نجاحه أمام شباب الأعمال وصله أكثر من سؤال وتعليق من بعض الحاضرين يتحدث عن أن زمان الأمس كان مليئاَ بالفرص ومن الممكن تحقيق النجاح في قطاع الأعمال بصورة أسهل، والقصد من ذلك أنه لو كان هذا الشاب معاصرا لزمن الشيخ سليمان لحقق أكثر مما حقق من نجاحات!
أذكر أن الشيخ سليمان رد على هذا الكلام بأنه لم يكن لديهم وسائل مواصلات واتصال وإعلام ومنصات تسويقية ومعرفية وغيرها كما هو موجود لشباب الأعمال اليوم، ولاشك أن حجم النمو أيضاً ليس كما هو بالأمس أيضاً فللشباب الحق في بعض مما قيل! واليوم وقد تعددت الوسائل والأدوات التسويقية بتكلفة أقل مما كانت عليه، والنمو متسارع أيضاً في بعض القطاعات كالقطاع التقني، من خلال الشبكات الاجتماعية والمشاريع الإبداعية التفاعلية وغيرها والمبنية على الرغبات وليست على الحاجات فقط كما يقول فيليب كوتلر أستاذ التسويق العالمي في نظريته الجديدة، وكما قال أحدهم «إن إنتاج أبل لجهاز آيباد ليس كأي جهاز جديد بل هو أشبه بالآلة الكاتبة حين أطلقت أول مرة» وحسب مانشر في الجزيرة فإن اللقاء مع الشيخ سليمان الراجحي سيتكرر نهاية هذا الشهر من قبل شباب الأعمال بالرياض أيضاً والذين نقدم لهم الشكر والتقدير على جهودهم وتميزهم, والسؤال هل سيكرر بعض الشباب الحاضرين القول: زمانكم أفضل وأسهل من زماننا!
يقول عمرو بن العاص: المرء حيث وضع نفسه، فإن وضعها اتضعت وإن رفعها ارتفعت!