من يقول إن الكرة السعودية ليست متدهورة وبألف خير وإن ما تمر به حاليا أمر عادي وطبيعي لا يستحق كل هذه الزوبعة فهو بالتأكيد لا يدري هل الكرة مدورة أم مربعة, أو أنه يرى شيئا آخر لا علاقة له بكرة القدم, أو أنه يجهل ما كانت عليه الكرة السعودية إلى وقت قريب من إنجازات ومكانة وسمعة وتاريخ حافل بالبطولات والألقاب على مستوى القارة والعالم.. لكن في الوقت ذاته هل العلاج لا يكون شافيا إلا بالعنف والصراخ والصدام والإيذاء وجرح المشاعر والانفعال؟ ولماذا نظن أن النقد لن يكون قويا وحقيقيا وجريئا ومعبرا إلا عندما يتحول إلى شتائم شخصية قاسية ومهينة ولغة نابية ومفردات هابطة جعلت البعض يتلذذ ويتبجح ويتباهى بأنه الأفضل والبطل والبارع في المرمطة والشرشحة وكيف يمسح بالآخرين البلاط؟!
لن أتحدث عن دول متقدمة ومتحضرة وإنما عن من هم حولنا فقد مروا بظروف وانتكاسات وإخفاقات مريرة ومتكررة أسوأ منا بكثير ومع هذا ناقشوا مشاكلهم وصححوا أخطاءهم وبهدوء واحترام وبالتفكير وليس بالتجريح والتشهير, وبالتخطيط وليس بالتنديد والتهديد, وسأعطيكم مثالا قريبا على ذلك ففي اللقاء الافتتاحي لبطولة آسيا وبحضور سمو أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة خسر المنتخب القطري على أرضه وبين جماهيره من أوزبكستان 0-2 وهي بالمناسبة خسارة جاءت امتدادا لإخفاقات سابقة عديدة بقيادة الفرنسي ميتسو ورغم هذا كله لم نسمع أو نقرأ في حينه من يطالب بحل الاتحاد أو بطرد المدرب أو بنزع الثقة من اللاعبين أو بضم أسماء من الريان وإبعاد آخرين من السد, فكانت النتيجة تعويض سريع ومستوى رائع وفوز ثمين على الصين أعاد للعنابي توازنه وحظوظه في التأهل للدور ربع النهائي والمنافسة على البطولة..
لاحظوا كيف تتحدث وتنتقد وتهتم وتحترم القنوات الفضائية منتخبات بلادها بينما تتسابق على استضافة بعض الصحافيين والمحللين السعوديين ليس حبا فيهم أو تقديرا لإمكاناتهم أو للاستفادة من خبراتهم وآرائهم وإنما لأنهم يجيدون (الشعلة) والإساءة للرموز والنجوم بطريقة فجة وعنيفة غير إنسانية بعيدة تماما عن معنى الصراحة والشفافية وعن مفهوم النقد وحرية التعبير واختلاف الرأي, ولأنهم يتعاملون مع منتخب الوطن بحسب ما تمليه حسابات وأهواء النادي, وبالتالي فهي نتاج تجاوزاتهم وتعصبهم وضجيج وتهريج ما كانوا عليه مع أنديتهم..
في مثل هذه الأزمات لا نريد التنافس على من يفتري ويسب أكثر ولا المزيد من الفلتان والغوغائية واستعراض مهارات الشجب والاستنكار, بل نريد أصواتا تفهم الواقع بإلمام وتحاكي الحاضر بصدق وتكتب عنه بمنطق وتقرأ المستقبل بعقل وفكر وبعد نظر..
الدوحة