قال أبوعبدالرحمن: الأستاذة الفاضلة سعاد - حسب كلامها المطوَّل عن أحزان الكتاب العربي الذي مَرَّ سياقُه - إنما تريد ربط الأحزان بقلم الرقيب وهاجس الرقابة المُلَبِّيَيْنِ حريَّة الأمة، وهذا هو ما يستحق النقاش، وإنما نقَلْتُها إلى الكتاب في واقع أمتنا وواقع الأمم للحيلولة أولاً دون حِيَل التضليل بالمبالغات والادعاء.. والهاجس الرقابي من هواجس الحرية الفضفاضة، والحرية لا تكون وجوداً إلا بمُلْك القدرة على إمضاء الإرادة، ولا يكون استعمال الحرية في إمضاء الإرادة مشروعاً إلا بمشروعية الاستعمال الذي تُحدِّده قيم الوجود الجامعة (الحق، والخير، والجمال)، والقيم هي التي تُذعن لها نفوس البشر بموجب العقل الإنساني المشترك، وعندما
لا تكون نتيجة الفكر عطاءً عقلياً إنسانياً مشتركاً: يكون المتحكِّم في السلوك الهوى والعرف والشهوة والدين المحرف أو المبدل ؛ فاليهودي في الأغلب قبل أن يتربَّى على الصهيونية السياسية، واليهودي في الجملة بعد ذالك التربي: يرى مشروعية إمضاء الإرادة فيما يملك حرية فعله من بث الإباحية والترويج لها ؛ لتدمير النفس بالإلحاد والعدمية والغثيان، وتدمير الجسد بالمخدرات، والإنتاج والترويج للعقاقير المتلِفة، والاعتداء على النفوس الآمنة بالاغتيال، وإتلاف مصادر الرزق والغذاء بزرع الأوبِئة.. والشرائع الإلهية ترفض ذلك، والعقل الإنساني المشترك يحكم بمعقولية هذا الرفض؛ لأن قبح الظلم، والاعتداء بغير حق، وجمال الرحمة، وصلاح البشر والطبيعة: أحكام عقلية؛ وإنما استمرأ اليهودي هذه الحرية المرذولة إذا ملكها ؛ لأنه وارث دين محرف مبدل يُعلن العداء لكل الأمم، ويسوِّغ كل وسيلة لكل غاية صهيونية، ويرى أن اليهودي - عرقاً، وديانة - مقدَّس وشعب مختار ؛ فهذا الإرث التاريخي الدجلي الطويل جعل التطبُّع بكل لون طبيعة جُبلِ عليها اليهودي، بل بلغت جولدا مائير الغاية في الكفر بمذكراتها؛ فزعمت أن اليهود اختاروا الله إلهاً، ولم يخترهم شعباً؛ بل هم الشعب المختار في جِبلَّتهم، فهم يمنُّون على ربهم، وليس في كتبهم المنتشرة بأيديهم ما يليق بحق الرب سبحانه، وكل أثارة علم صحيحة يُخفونها ؛ فقد نشرت الصحف أخيراً اكتشاف التوراة في الحفريات ببابل الموافقة لما جاء في القرآن الكريم، المنافية لما في أيديهم ؛ فنُقلت فوراً إلى إسرائيل، وَوُئدتْ هناك.. وهكذا حَصَلَ لنسخةٍ مماثلة اكتُشفتْ في مكتبات البحر الميت.. واليهود هم مفلسفو الحرية، والمروِّجون لها بواسطة اليهودي الصهيوني، وبواسطة المتَصَهْين من حيث لا يشعر بفعل جمعيات التضليل السرية الصهيونية.
قال أبوعبدالرحمن: وعند ذكري للحرية وجوداً ذكرت شرطها، وهو ملك القدرة.. وبقدرة الفرد - بما ملَّكه الله إياه من الحظ المحدود في القدرة - أن يملك حريةً من الفعل تحيف على الفطرة (فطرته هو، وفطرة الطبيعة).. إلَّا أن إنفاذ هذه الحرية يدمِّره ويدمر حظه وحظ بني جنسه من الطبيعة بمقدار الأثر الذي يحدثه فعله ؛ لهذا كان شرط الحرية (عند القدرة على الفعل) أن تكون مشروعة، وهذا يعني أن الحرية ليست قيمة في ذاتها إلَّا إذا كانت حرية للمقتضِيات من قيم الوجود المذكورة آنفاً ؛ وبما أن الاستجابة لنوازع الشهوات - سواء أكانت من اللذائذ، أم من الغضب الذي ينجم عنه السب والضرب والقتل - أسهل انقياداً بدافعِ المغريات من الاستجابة للحكمة وترجيح العقل، وأن أكثر الناس يودُّ أن يفعل ما يشتهي: كانت الحرية قيمة لَدى الدهماء، محبَّبَة إليهم.. كما أن الحرية نقيض الجبرية والقهر والاستعباد، وكل ذلك بغيض للنفوس إلَّا من عرف ربه وذاق حلاوة الإيمان، ونفعه الله بعقله وقلبه وحسه ؛ فإنه يَفْخَر بالعبودية لربه الذي منحه الوجود ؛ فهو خالقه ومالكه ومربيه بنعمه.. ويفخر بِوَأْدِ حرية الشبهات والشهوات ؛ لأنه قهرها بما تمليه عليه قيم الحق والخير والجمال ؛ فبهاتين الظاهرتين للحرية كانت الحرية شعاراً تسويلياً بالغ الأداء في الدعاية والإعلام..
ومفلسفو الحرية بالمعنى التضليلي الذي يجعلها قيمة في نفسها يعلمون علم اليقين أن الحريتين (الوجودية، والمعيارية) ليستا على إطلاقهما، وليستا ظاهرتين أغلبيتين ؛ فمن ناحية الحرية الوجودية فالكون كله منضبط بقوانين اكتشف منها البشر ما وصل إليه العلم البشري منذ فجر التاريخ ؛ فلا شيئ في الوجود إلا وهو محكوم بأسباب وبواعث وغايات وتخلُّف موانع وقوانين مُنْتِجَة، وكل ذلك عن واحدية قصد ؛ فالمآل إلى إرادة وقدرة مُدَبِّرِ واحد هو الله سبحانه ؛ لأن الكون لم يخلق نفسه فيملك حرية الإرادة، ولأن عمارة الكون لا تستقيم إلا على واحدية القصد ؛ لإحالة كونِ المدبر متعدداً، ولأن المصادفة لا تحقق دقة الغائية والقصد الدائمة، ولأن العقل مُلِحٌّ على طلب إرادة واحدة يرجع إليها كل سبب وقانون، ولا يقف إلحاحه إلا بالاعتراف بمدبر خالق قدير واحد يصدر عنه كل عظمة ولطف وقدرة وعلم وحكمة.. إلخ.. والحرية الوجودية في البشر غير مطلقة أيضاً ؛ لأن الإنسان وُجِد بغير إرادته، ويموت بغير إرادته، وتمضي وضعيَّة حياته (غِنىً، وفقراً، وصحة ومرضاً، وسلاماً وغربة.. إلخ) على غير ما يشتهي.. وعلمه (مضافاً إلى علم كل البشر وقدراتهم) عاجز عن تحويل واحدية القصد في الأنفس والآفاق، وعاجز عن الإحاطة بالكون ودعك من التحكم فيه.. وما عَلِمَه بحسه فهو عاجز عن السيطرة عليه كسرعة الريح المهلكة، والمطر المغرق، والفيضانات الغامرة، والزلازل والبراكين المفاجئة، والعلل المبيدة الطارئة.. وقد يُملِّكه الله المعرفة والاستعمال لأسباب وقوانين منتجة، ولكنه لا يملك الموانع ؛ إذن الإنسان يملك حريةَ اختيارٍ، وفعلَ إرادةٍ في فعل ما ملَّكه الله القدرة على فعله، ولكنه لا يملك الموانع ألبتة.. وما ملَّكه الله إياه من فعل: تتجاذبه على إمضائه أو تركه نوازع نفسية بحتة، ولكن النظر العقلي، ونتائج العقل العملي، والحس الجمالي (وتلك هي معايير الوجود الثلاثة) تُرجِّح له الفعل أو الترك بما يقتضي بقاءه مدةَ أجله بسلام مع فطرته وفطرة الطبيعة، ومن ههنا كانت الحرية الوجودية المحدودة محكومة بالحرية المعيارية، وبهذا لم تكن الحرية قيمة في ذاتها، بل القيمة للمعيار، وبقضاء الله الكوني القدري الذي أمضاه عقوبة للمقصِّرين وبلاء وامتحاناً للجادِّين: هيَّأ الله - بحبل منه، وحبل من الناس - لِشُذَّاذ الآفاق من اليهود المغضوب عليهم (الذين يُؤْمِنون بالله اسمياً، ويسلبونه بألسنتهم لا بأفعالهم الخاسئة صفات الكمال المطلق، ويجعلون الإنسان إلهاً صغيراً سيصل بعلمه إلى مشاركة الله في ملكوته الذي يسمونه إنساناً كبيراً تعالى الله عما يقولون): قُدْرةً فعَّالة في التضليل والإفساد، ومَدَّ لهم في فعلهم القديم من الجحد والتضليل والإفساد والقدرة على جمع المال، وجعل لهم (على الرغم من قلتهم) سلطةً مباشرة على العالم بما أُوتوه من مشاركة مبدعة في العلم والاختراع، ومن احتجان للمال لا تملكه أي أمة، وبدعوى المواطنة في كل بلد ؛ وبكل ذلك استطاعوا إيصال صوتهم التضليلي الإعلامي، و استطاعوا حَجْبَ الرُّؤية عن كثير من الحق والخير والجمال، واستطاعوا التحكم في اقتصاد العالم وثقافات الشعوب وأديانها.. ومَدَّ لهم فيما كانوا متفردين فيه من العمل السري الهدَّام ؛ فأفرزوا بالصهيونية السياسية مَسْخاً من البشر يَحْمِلُ العبء الأكبر من إفساد ملايين من البشر ليسوا من اليهودية في شيئ ؛ فكانت الماسونية والمافيا والموساد، وكل ما يصدر عنها من تصفية جسدية، وتصفية معنوية للزعماء والعلماء، ورصد فضائح مُضَخَّمة أو مفتراة، وتصفية نفسية بالمخدرات والجنس وفلسفات الإلحاد والقلق والغثيان.. وتوزعوا في الآفاق (باسم الوطنية، أو القومية) ؛ فكانوا عوامل فعَّالة في كل عنصر حيوي: علماً، واختراعاً، وسياسة، وزعامة، واقتصاداً، وإعلاماً.. إلى أستاذ كرسي الجامعة الذي يتحكَّم في إيمان الطالب وقناعته، والأخطر من كل هذا أنهم جعلوا حرية التضليل الهدامة إكراهاً للعالَم ؛ لأنهم باسم الحرية والمساواة والعدالة أسقطوا دول أهل الأديان - المنسوخة المحرفة، والمُحْكَمَة المحفوظة - ؛ فأسقطوا دولة الأرثوذكس في روسيا القيصرية، وفرضوا الشيوعية (وهي إفراز صهيوني) بمجازر مروعة بلغت الملايين كما في حادثة المجر، وأسقطوا دولة الكاثوليك باسم الثورة الفرنسية، وسلبوا من أمريكا دينها بالبروتستانتية اليهودية، وأسقطوا خلافة المسلمين في تركيا، وجَنَّدوا أغياراً لا يزال كثير منا إلى اليوم يعدونهم رموزاً حضارية من أبناء جلدتنا، وما جمال الدين عنا ببعيد!!.. وزامن ذلك فلاسفةٌ يهود، وفلاسفة غير يهود، ولكنهم إفراز صهيوني (من أمثال روسو في العقد الاجتماعي، وهوبز، واسبينوزا اليهودي في رسالة السياسة واللاهوت) ؛ فأقاموا الشُّبَه على مشروعية الحق الطبيعي الحيواني: بأن يعتقد الإنسان ويقول ويفعل ما يشاء ؛ فذلك حقه الطبيعي في الحياة، وأبعدوا بالتضليل العبودية البشرية الحتمية الكونية لخالق الكون سبحانه، وسفَّهوا البناء العقلي الخيري الجمالي للحرية المعيارية.. ثم نجم عن ذلك حتمية القانون الوضعي الذي هو تنفيذ للحق الطبيعي، وأرادوه قانوناً عالمياً يُكره الناس على حرية التضليل ويحميها ؛ فصار العقد الاجتماعي بين الشعب والدولة ؛ لتكون الدولة حامية ومنفذة للحق الطبيعي ؛ فشرعوا الحرية بجبرية ؛ لأن القانون الوضعي أصبح عالمياً، وأصبحت مخالفته جريمة، وأصبح نداء الشهوات والشبهات حقاً مشروعاً، وأُلغيت أيُّ وصاية ربانية أو إصلاحية؛ فلا حسبة ولا تربية مصلحين تملك إعلان صوابٍ وخيرٍ وجمالٍ لا تقره سلطة القانون، ولا حماية إلا للتراضي بين الطرفين المخلوقين ؛ لأن من شرط إنفاذ حرية التضليل حماية حرية الآخر.. وأُسقط من القانون الوضعي مراعاةُ رضى الله، وكلُّ ترابط اجتماعي ؛ فلا رعاية للوالدين، ولا بر، ولا ضيافة، ولا عاقلة، ولا نفقة لمن أوجب الله عليه النفقة لمن هم تحت يده، ولا زكاة، ولا صدقة.. إلخ.. إلخ ؛ فصار القانون الوضعي - بالإرادة الصهيونية التي أمضاها ربنا إلى أجل عقوبةً وابتلاء - هو الذي يحكم كل الشعوب على الرغم منهم، ويصدهم عن ربهم وما أنزله من كتب، وعَمَّن بعثهم من أنبياء ورسل عليهم الصلاة والسلام على الرغم منهم (أي الشعوب)، ومن أراد القوامة على نسائه وولده، وإمضاءَ حقِّ الله في المواريث والنفقات: لم يستطع في ظل دول القانون ؛ لأن مخالفة القانون جريمة، والمجرم مُدان.
ومن وسائل التربية اليوم التلفاز والفضائيات والجريدة والكتاب، ولتكون الحرية معيارية أصبحت الرقابة ضرورة بمعايير أيضاً، ولكن سلطان القانون الوضعي المتجذِّر في عالمنا العربي من القانون العالمي الذي هو تنظيم للحق الطبيعي شهواتٍ وشبهاتٍ: جعل الرقابةَ اليوم أمراً دخيلاً على حياتنا، وأصبح الدين الإسلامي، وتربية المصلحين من العلماء ورثة الأنبياء: إما مُؤوَّلاً، وإما محكوماً عليه بمقتضى القانون الوضعي المبني على ما سُمِّي حقاً طبيعياً، وذلك بقناعة مِن بعض أبناء جلدتنا في البلاد العربية والإسلامية التي يحكمها ذلك القانون.. هكذا كانت ممارسات من يغتصبون لأنفسهم صفة المتنورين في صيحاتهم المحمومة ضد حرية المعايير التي تقتضي قلم الرقيب المشروع منذ استفزاز رشدي إلى رواية الأعشاب.. وأذكر هذين النموذجين فقط ؛ لأنهما أَظْهرا المنطقَ المعكوس الجماعي الأغلبي في دنيا من منحوا أنفسهم صفة التنوُّر، وعندما أعلن روزفلت وزملاؤه الحريات الأربع بعد انتصار الحلفاء: كانت الحرية نسبية لا مطلقة ؛ لأنها مثلاً راعت - ولو بتقنين تنظيري - حق الشعوب والأديان (عقيدة، وشريعة) ؛ وذلك نصاً يعني حرية الفرد في ممارسة دينه في أي بلد، ويعني حرية الشعوب في صنع قراراتها السياسية والثقافية والاقتصادية، ويعني بضرورة النص أن أهل الدين الواحد في قُطْر (أو أهل أغلبية الدين الواحد في قطر) ذوو حرية جماعية ؛ وما ذلك إلا مرحلة من مراحل الصهيونية ؛ لأن العالم الأَقْوى اليوم (والقوة لله وحده سبحانه) هم أهل الكتابَيْن السابِقين في تحالف ميتافيزيقي ناجم عن كيد الأقلِّين وتضليلهم الأكثرين.. وبهذا التحالف أصبح العالم اليوم مدفوعاً إلى الجبرية لا الحرية ؛ لأن بناء ذلك التحالف الميتافيزيقي على سيادة الدولة الواحدة، والدين الواحد؛ فكان الوفاق العالمي.. أي أن الاتِّباع للدولة القوية الواحدة وحلفائها هو الوفاق، ويلي ذلك سيادة المؤسَّسة الواحدة، والمبادئ الوضعية الواحدة باسم حقوق الإنسان.. ولا تزال ظواهر العولمة، ومفاجآت العلم المادي، وظهور السيطرة العالمية للحفنة الصهيونية، وتحِّديها لكل مبادِئ التعاون الدولي.. أصبح جميع ذلك فِتناً أنذرنا بها خالق الكون سبحانه في كتابه وفي سنّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - تصريحاً وتلميحاً.. ومَشِيئة الله الفاصلة في النهاية هي الغالبة، والمسلمون مضمون لهم طائفة منصورة لا يضرها من خذلها إلى يوم القيامة (وذلك حال الفتنة)، ومضمون لهم الغلبة وهداية البشرية قبل علامات الساعة الكُبرى يقيناً ؛ فإذا فسد الكون، وأذن الله بقيام الساعة لم يبق من يقول: الله الله!!.. وعن حُرِّية العقل الإنساني المشترك نجد الطمس الأرعن لثنائية العقل الملتزم والسلوك المندفع ؛ فالأولى الضرورات الفكرية التي يقرها العقل الإنساني المشترك، والثانية الهواجس والظنون والشهوات والشبهات التي لا تكون عن عقل إنساني يوصف بأنه مشترك ؛ فالأولى حرية برهانية لا يجوز التعتيم عليها وباب الاجتهاد والحوار مفتوح، والثانية تُسمع بإصغاءٍ شغوف، ويُدْلَى حولها برفق وبيان وتبسُّط في العلم والفكر وتبسيط في الأسلوب، ولا يجوز أن يُتَّخذ لها حَيِّزٌ إعلامي ؛ لأنها إذْ لم تكن عقلاً إنسانياً مشتركاً لم تكن تعبيراً جماعياً، بل هي صخب على حرية الجماعة مُقَنَّن لها إصغاء لا شيوعاً بمعادلات الديمقراطية التي أخذنا رمزها اللغوي (ديموقراطية) قيمةً فكرية !!.. ذلك أن الديموقراطية نظرية ذات مفهوم لغوي ومفهومات حكمية انضمت من التطبيق ؛ فالمفهوم اللغوي بمعنى سلطة الشعب، أو الشعب يحكم نفسه ؛ لأنه مصدر السلطات.. وأما مفهوم الحكم فيتلخص في التالي:
1- أن الشعب يفوِّض السلطة لغيره ؛ لأنه يستحيل مباشرتُه للسلطة.
2- أن التفويض بحرية الشعب، وتقنينه، ومراقبته ؛ فبحريته اختار نظام الحكومة الديموقراطية، وبتقنينه جعل له ممثلين ينتخبون بالقرعة السِّريَّة، وجعل لوقت الحكومة أجلاً يعقبها اقتراع آخر، وجعل لنفسه حق المراقبة بين انتخاب وانتخاب، والحكومة منفذة للدستور الذي وضعه الشعب؛ لأنه وفق الحق الطبيعي !! (1) ؛ ولهذا كانت الحكومة مسؤولة أمام ممثلي الشعب.
3- من التطبيق العملي حُوِّر المفهوم اللغوي (سلطة الشعب) إلى مفهوم واقعي هو (حكومة الأغلبية).
4- للتوفيق بين الشمول اللغوي والتقزيم الواقعي كان من شرط الديموقراطية وجود أحزاب ذات برامج متعددة ؛ لأنها تصنِّف رغائب الأفراد.
5- من شروط الديموقراطية الحرية كحرية الصحافة في إبداء الرأي، وحرية التجمُّع.. إلخ ؛ ليتكوَّن من ذلك رأي عام وانتخاب حر.
6- من شروط الديموقراطية مفاتحة الشعب بالأحداث الداخلية والخارجية في مختلف وسائل الإعلام وبشكل منتظم ؛ لأن هذه المفاتحة إشراك للشعب في الحكم ؛ ليكوِّن رأياً عاماً.. وهذان العنصران حسنان في ديننا، ولكن هذا لا يسوِّغ وصف سماحة الإسلام بالديموقراطية ؛ لأن الإسلام ليس حكم الشعب، ولا سلطته، وليس الحق الطبيعي مصدَره.. والتجمع علني لا سرية فيه كتجمُّعِ الطلبة مع المسؤولين عنهم في المدارس، وتجمُّع شرائح المجتمع في المسجد والأسواق ؛ لتأمن الأُمَّة بوائقَ التجمُّعات السِّريَّة.. وحرية التعبير مشروطة بأن لا تؤذي الآخرين بالفحش والصخب والاتهامات، وأن تكون نصيحة وإدلاءً مع مَن يملك القرار من ولاة الأمر، ولا يكون فضيحة وتحريضاً ؛ لأن مقاصد حرية التعبير أن يصل الصوت إلى من بيدهم الأمر، وأن يُسمِع (بالبناء للمجهول) صاحبُ الصوت ولاةَ الأمر، ويَسمع (بالبناء المعلوم) هو منهم ؛ فإذا غُلِب صوتُه بالبرهان، ولم يجد من ولاة الأمر عذراً مقبولاً يُسَوِّغ رفض ما أسمعهم إياه: فهل يُعْلِنُ صوته ويُهاجم؟؟.. الجواب: يعود لقانون المعادلة بين المصالح والمفاسد الذي حكم به الشرع والعقل الإنساني المشترك، ويعود المسلم خاصة إلى ما نظَّمه له شرع الله من التعامل مع ولاة أمره.
7- تشترط بعض الديموقراطيات شروطاً لا تنسجم مع الحق الطبيعي الذي هو أصل النظرية الديموقراطية ؛ وذلك أن بعضهم يشترط وعياً عاماً بأن يكون الشعب مثقفاً مدركاً لمسؤولياته، وأن لا يكون محكوماً بضغوط كونية كسوء الحالة الاقتصادية.
قال أبوعبدالرحمن: في ديننا لو بلغ الشعب الذروة في الذكاء والثقافة فلن يكون مَصْدراً للشرع، ولكنه أداة ناجحة لفهمه، بل إذا نابت المسلمين نائبة فإن كانت كشف واقعة فالسلطة ليست للشعب، بل لذي التخصص في الواقعة، مثل واقعة تقتضي علاجَ وباءَ للأناسي فالرأي لأهل الطب، وإن كانت عن آفات في الحيوان فالرأي لأهل الطب البيطري وعلماء الأحياء، وإن كانت عن آفات في الزراعة فالرأي لأهل الخبرة، وهكذا؛ لأن الله امتنَّ علينا بحواسنا وعقولنا ومعارفنا، وأمرنا أن نُسْنِد الأمور إلى أهلها.. وإن كانت النائبة بحثاً عن حكم شرعي في واقعة قائمة معلومة فالسلطة لعلماء الشريعة فهم أهل الحل والعقد والفهم التخصصيِّ المؤهَّل.. وسلطتهم ليست في وضع الحكم؛ لأن هذا ليس لهم ؛ وإنما سلطتهم في أخذ الحكم من مصدره تنصيصاً أو استنباطاً، فهم الأدرى بالحكم الأقدر على استكشافه.
* أمرين: أولهما أنهم تنازلوا عن بعض حقوقهم بقدر ما يلزم لقيام المجتمع، وثانيهما أن الرئيس طرف في العقد ؛ فجاء جان جاك روسو * -1778م* ليصوغ هذه الفلسفة في كتابه العقد الاجتماعي في القرن الثامن عشر.. ومن مذهبه أن الأفراد كانوا أحراراً يتمتعون بكافة الحقوق لكنهم أمضوا عقداً اجتماعياً نشأت بموجبه إرادة عامة لمجموع الأفراد بديلاً عن الإرادات الفردية السابقة على التعاقد ؛ لترعى إرادةُ المجموع حقوقَ الأفراد الطبيعية التي لم يتنازلوا عنها.. والحالة الطبيعية للإنسان هي الفترة *الصواب: المدة* الذهبية من حياته، ولكن الإنسان بفعل الأطماع وبتأثير الأديان تجرد من النقاء الطبيعي إلى حالة من الفوضوية اقتضت وجود عقد اجتماعي يردهم إلى الحالة الطبيعية(2).. والديموقراطية ثمرة الحق الطبيعي، والدكتاتورية ثمرة الحق الإلهي الذي أُسيئ فهمه، أو تُعمِّدتْ الإساءة في فهمه تعسُّفاً ؛ اتباعاً للهوى كالحمية لمذهب، وأما العقد الاجتماعي والحق الطبيعي فقد كان الفريقان يتلاوحانهما، ونتج عن ذلك قسرية لا حُرِّية ؛ فأثبتت الديموقراطية نفسُها أنه لا وجود لحرية مطلقة، بل ذلك محال.. كما نتج عن ذلك الحتمية القسرية لسيادة القانون الوضعي ؛ فكل ذلك من ثمار ديموقراطية الحرية، وكان جروتس
* من المدافعين عن الاستبداد ؛ لأنه أفضل الطرق للتطبيق ؛ وما دام الناس ارتضوا هذا القانون فليس من حقهم التراجع عنه، وياليتهم يلاحظون معتقدهم هذا في مسألة المُرْتَدِّ.. ونظرية العقد الاجتماعي اقتضت إبعاد رابطة الدين كما اقتضت عقداً، والعقد نفسه رابطة ؛ وبهذا ظهرت فكرة القومية والوطنية ؛ لتكون رابطةً بدلاً من الدين.. ومنهم من نصر الاستبداد بغير دعوى العقد الاجتماعي، بل أنكره ؛ لأنه يمنح الفرد الشعور بالمشاركة في تكوين الدولة ؛ وإنما نصر الاستبداد لأن الحكم غير المطلق مُعَرَّضٌ للثورات والفتن وصراع الأحزاب، ومن هؤلاء جان بودان * -1596م*.. والديموقراطية تقوم على فكرة خيالية، وهي فكرة العقد الاجتماعي ؛ ولهذا ذهب أزمان في القانون الدستوري إلى تعليل عقلي، وهو أن السلطة نشأت من أجل الأمة، ومن ثم وجب أن يكون للأخيرة رقابة على الأولى(3)، وقال روبرت م. ماكيفر: «الحقيقة أن الحكم لا تتولاه الأكثرية، ولا يمارسه جميع أبناء الشعب، ولكنه وضع تضطلع به دائماً الأقلية.. وتنشأ عن هذا الوضع معضلة دستورية حول علاقة الواحد بالأقلية، والمعضلة الأهم تتصل بعلاقة الأقلية الحاكمة بالأكثرية المحكومة ؛ فإن كانت الأقلية مسؤولة تجاه الأكثرية كان الحكم دستورياً، وإذا لم تكن مسؤولة كان الحكم قبلياً أو ليغار كيَّاً(4)، والحق الطبيعي أفرز وثوقية إباحية بحُرِّيَّة سلوكية من مفهوم أنه حق طبيعي وحسب ؛ فهو ينفي الحق الإلهي، وأفرز ديمقراطية من مفهوم أن الشعب يحكم بمقتضى الحرية الفردية والعقد الاجتماعي.. وتعدُّد الأحزاب يعني الحريات المتعارضة التي اقتضت العقد الاجتماعي ؛ فكانت مقتضى ضرورياً ؛ ليحكم الشعب نفسه بنفسه.. إنها مقتضى ديموقراطي من مفهوم الحق الطبيعي ؛ وأما دعوى الديموقراطية الاشتراكية التي نشأت في إنجلترا فمن باب الضحك على الأذقان ؛ لأنها ألغت الأحزاب بدعوى رفض تنازع الطبقات، وفي سبيل ذلك دعت إلى تأميم الصناعات الرئيسية، وتحطيم قُدُرات الطبقات بإلغاء أو تخفيف الفوارق ؛ وذلك بالضرائب المتصاعدة، والتشريع الاجتماعي ؛ وحينئذ لا يبقى غير دكتاتورية السلطة التي تُؤمِّم وتَفْرض الضرائب وتضع التشريع، وأكثرية الأصوات باب من القرعة والاستهام لا يأباه ديننا ولكن ذلك في حالين: أولاهما حينما تكون الدولة بين انقسام متكافئ في تقريرات ذوي اختصاص ما، ولا تملك مرجحاً من خارج، فتأخذ بأغلب أصوات ذوي القرارات المنقسمة ؛ لأنهم أهل الاختصاص.. وأما غوغائية أغلب الأصوات في الشعب فلا معنى لها ؛ لأن العبرة بغلبة أصوات ممثِّليهم.. وآخراهما أن يكون الموضوع مما يعود لرأي عامة الناس، وليس فيه حكم مخصَّص في الشرع أو في معارف أهل التخصص كالاختلاف في مكان إقامة متنزه ؛ فيؤخذ بأغلب أصوات الممثلين لإنهاء النزاع بحرية إرادية.. أما لو اقتضى محتِّم أمني أو خبرة هندسية تحديد الموضع لوظيفةٍ ما فلا يُلْتَفَتُ إلى أغلب الأصوات، بل العبرة بقرار أهل الخبرة، ويلاحظ في النظرية الديموقراطية أمران: أولهما القانون الذي يحكم الأمة ويُقيِّد سلطة الحاكم، وثانيهما إجراءات ممارسة السلطة ؛ فأما الأمر الأول فيعني أن مصدر القانون هو الإنسان في شهواته وأهوائه وعقله وخبرته بتنسيق يضمن التوفيق بين شذوذ الفرد واتفاق الجماعة ؛ لحماية حرية المنفعة العامة، وهذا المفهوم نتيجة أمرين: أن النظرية الديموقراطية مبنية على دعوى حتمية الحق الطبيعي (قانون الشهوة)، وأن مفهوم الديموقراطية لغة يعني سلطة الشعب.. وهذا المفهوم اللغوي هو المراعى في إقامة أنظمة الحكم الديموقراطي منذ ثورة فرنسا، وقبول الحكم الديموقراطي بمفهوم الأمر الأول (قانون السلطة) لن يكون محل حوار أو مساومة في شرقنا الإسلامي إلا بتصريح سافر لا مراوغة فيه: أنه لا طاعة للإسلام، ولا حكم له تلزم طاعته ؛ فلابد من تزييف وكشف النفاق فيمن يَدَّعي الإيمان بالدين، ثم يتحدث باسمه بما ينفيه الدين نفسه ؛ ذلك أن النصوص الشرعية قطعية الدلالة والثبوت على أنه لا حكم للإنسان إلا فيما جعله الله لاجتهاده، وأن الحكم لله شرعاً كما له الحكم كوناً، وأن من لم يحكم بما أنزل الله كافر، وأن من الحكم بغير ما أنزل الله اتباع الهوى والشهوة.. أي ما يسمى بالحق الطبيعي، فهذه المسألة من قطعيات الشرع وضروراته لا تحتمل إلا وجهاً واحداً، وهو الوجه القطعي النصي غير القابل للاجتهاد والتأويل، ومخالفة هذا الوجه كفر بالشرع، وليست اجتهاداً فيه ؛ ولهذا فشارب الخمر ومجترم الكبائر والخبائث مسلم فاسق، ولا يخلد في النار، ودخوله في النار بدءاً تحت مشيئة الله، وقد يغفر الله ما سوى الشرك إذا رجحت الحسنات ؛ فإن استحلَّ الخمرَ شاربُها أصبح فعله كفراً لا مجرد فسق ؛ لأن عصيان الشرع مع الإيمان به غير الكفر به جحداً وتكذيباً.. والذي خسر بتطبيق الحكم الديموقراطي أو بتطبيق بعض صوره المشوَّهة بمفهوم قانون السلطة هم النصارى وأغبياء المسلمين ومأجوروهم، ولقد فُصِلَ الدين عن الدولة في القانون، وفصل الدين عن الحياة في المجتمع، فصار العجوز المتقاعد الأوربي يستأجر من يؤانسه ويحادثه وقت العزاء إذا فُدح بشريكة حياته العجوز.. يستأجره من أقساط التأمين !! ؛ لأن أواصر المرحمة بين ذوي القربى والجيران وأهل القرية وأبناء الملة انفصمت بإبعاد الدين عن الحياة، ولا يُحصى في لندن وغيرها العجائز الذين يموتون برداً أو جوعاً أو كآبة ووحدة ؛ فيظلون ميتين أياماً لا يُعْلَم بهم حتى يتنبه القسُّ إلى شغور أماكنهم في الكنيسة.. وأولادهم وأحفادهم وذوو القربى أحياء أشداء !!.. وسحرنا الروائي الإنجليزي العالمي تشارلس ديكنز برواياته كرواية (دايفيد كوبرفيلد) بأخلاق أريحية في المجتمع الإنجليزي من كرم ومواساة وبشاشة وأواصر في القربى والملة.. والمعروف أن ديكنز من رواد الواقعية في الرواية ؛ لأن مادتهم واقع عصرهم وبلدانهم، ولكن الإنجليز المعاصرين - على الرغم من قرب العهد بديكنز - لا يكادون يُصدِّقون بأريحية الواقع في روايات ديكنز، وليس ذلك شكَّاً في تاريخ حاضر مدوَّن بين أيديهم ؛ وإنما واقعهم المعاصر الذي يعيشونه لا يكاد يُتيح لهم فرصة التصديق؛ لأنه واقع مادي جِلْف لا تحكمه مرحمة الدين، ولكنهم كغيرهم من دول النصارى وقعوا فريسة عدوهم الأقل الذي يعمل في الظلام ؛ ليقيم محاسن الدولة اليهودية العالمية المرتقبة على أنقاض تخريبهم للقيم والأديان والعلاقات، ودين النصارى منسوخ وغير معصوم ؛ فمنه أحكام من صنع البشر ممعنة في الخرافة مصادمةٌ العلمَ المادي المحسوس، ومنه نصوص قابلة للتأويل ؛ فكل هذا سَهَّل عليهم مقولة: (الدين لله والوطن للجميع)، ورشَّح ذلك فساد المجتمع، وظُلْمُ أقطابه، وحذق الأفَّاقين في استغلال المناخ بمجمَّعاتهم السرية التي أصبحت ضغوطاً خفية تحكم العالم حتى هذا اليوم، وأما مجتمع المسلمين فيحتاج إلى توعية وإصلاح بلا ريب، لكن دينهم لا يقبل المساومة ؛ لأن الله جل جلاله خالق المجتمع أنزل دينه راشداً معصوماً مهيمناً شاملاً بشمول علم علام الغيوب الذي يعلم ما سيكون سبحانه وتعالى.. وحرية الصحافة، وحرية التعبير حريتان واجبتان ضروريتان إذا كان العقلُ الإنساني (ليكون عقلاً مشتركاً) غيرَ محكوم بإرادات فردية ذات أهواء خاضعة لِمُغْرِيات السلوك كسلطة الشهوات والشبهات في استباحة وضع القانون المُلغي العقلَ والدين، وغيرَ محكوم بتسلُّطٍ نفعيٍّ كسلطة المؤسسات المالية التي تشتري الأصوات ؛ فهذه سلطة إغوائية يعقبها سلطة إكراهية كسلطة اللوبي الصهيوني.. إلا أن حرية الصحافة وحرية التعبير التي تُطرح اليوم في البلدان والأمم على أنها أزمة خانقة كانت بطرحٍ أُحْكِم عليه الخِناق بِأدْلجة الديموقراطية التي أسلفت واقعها، وهذا ظهر صارخاً في صحافتنا العربية في مسألة حرية التعبير ومسائل المرأة، وحرية التعبير تنادي بإسقاط الحتمي كوناً الواجب فكراً من الرقابة على المنشورات.. والمنطق ديموقراطي بحت بمفهومها اللغوي، وأحكامها الفكرية، وممارساتها الإكراهية.. وهم يتكلمون بهذا المنطق بلا حياء كأنهم يملكون بالفكر أن الكون مستغنٍ عن خالقه سبحانه ؛ فيسقطون حقه في التشريع؟!!.. وكأننا منسلخون عن هُوِيَّتنا المتلاحمة من الدين الحق، والنشأة الرجولية }فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ{ (36) سورة آل عمران، والتاريخ التجريبي.. وكأننا لا نملك صفاء وذكاء وزكاء العقل العربي المسلم الذي لم يكن إيمانه بدينه سهلاً، بل كان عن فحص فكري حسي (والخبر الصحيح من الحس) في الأنفس والآفاق أوجبَ أنه لا تفسير لهذا الكون إلا بخالق واحد أول آخر بلا بداية ولا نهاية (والعقل يتصور الزمن بلا بداية ولا نهاية، ويتصور الأعداد بلا نهاية) في كل صفات الكمال المطلق والتنزُّه بإطلاق عن النقص، وآثار ذلك مشهودة فيما أدركنا من خلق كالعظمة والدقة والنظام والغائية وواحدية القصد والتدبير، وإلى لقاء إن شاء الله مع أمثلة من الطرح العربي المهزوم.
وكتبه لكم : أبوعبدالرحمن ابن عقيل الظاهري- عفا الله عنه -(1) صدر عام 1416هـ كتابي عن الحق الطبيعي وقوانينه
،وهو السفر الأول، وتقاعست الهمَّة عن إتمامه.
(2) قال أبو عبدالرحمن: العقد الاجتماعي مطبوع باللغة
العربية، وانظر عن السياق الذي مر كتاب الاتجاهات
الفكرية المعاصرة للدكتور علي جريشة ص 134.
(3) الاتجاهات الفكرية المعاصرة ص 137.
(4) تكوين الدولة ص 187، والأوليغاركي استبدادي..
انظر المصدر المذكور ص 191.