منظمة التجارة العالمية، من تسميتها، معنية بمسائل « التجارة العالمية» وليس لها علاقة من قريب أو بعيد في مسائل العمل. فهذه المسألة شأن داخلي لكل دولة عضو في المنظمة الحق في تنظيمها وفقاً لما تمليه مصالحها الوطنية.
ومن المستغرب صدور تصريح لأحد الخبراء المختصين في الاقتصاد، وفقاً لما نشر في جريدة المدينة بتاريخ 11-1-2011م، تعليقاً على مشروع توصية لمجلس الشورى بدراسة وضع حد أدنى لأجور العمل في القطاع الخاص، أنه يتعارض مع قوانين منظمة التجارة العالمية والتزامات المملكة دون دليل يؤيد هذا القول، وإنما ذلك مجرد تنظير وكأن القصد إبقاء الوضع على ما هو عليه فالمعروف أن مسائل العمل مستبعدة من قوانين المنظمة بموجب قواعد صريحة. وهي تخضع للأنظمة الداخلية للدول الأعضاء ولا علاقة للمنظمة بها نهائياً. وأغلب الدول تطبق ذلك، وبعضها يرتب عقوبات جنائية على من يشغل عمالة بأقل من الأجر الذي يحدده القانون وتوجه له تهمة الاستعباد ومنها سويسرا على سبيل المثال.
ويجب حقيقة أن تبقى هذه المسألة (واقع الشباب والبطالة) على أولويات عمل المجلس، وعدم تركها لوزارة العمل وحدها. فمن المؤسف أن تبقى مسألة تحديد الأجور خاضعة لتقدير أصحاب العمل والذي كان من نتائجه إغراق السوق السعودي بالعمالة الرخيصة، وعرض فرص عمل للمواطنين برواتب وحوافز هزيلة لا تتناسب والوضع الاقتصادي للمملكة. فما الذي يمنع إلزام الشركات تقديم رواتب أسوة بما تقدمه البنوك، وشركات أخرى مثل أرامكو وسابك.
تقنين حد أدنى للأجور من شأنه بث روح العمل والإبداع لدى الشباب السعوديين، والحد من تدفق العمالة الوافدة والرخيصة، وخلق قوة شرائية لدى الطبقة المتوسطة المحركة للاقتصاد. لكن ذلك بحاجة لدراسة متعمقة عن الجهات المستهدفة من هذا المشروع والذي يجب أن يكون موجهاً للشركات المساهمة، والشركات والمؤسسات الكبيرة، وقطاع البيع، والشركات الأمنية، وما في حكم تلك الشركات.