الجميل وربما المفيد في خروجنا الفاضح والمهين من أمم آسيا الخامسة عشرة، أنه غير قابل للمناورة والتبرير من أي طرف كان, والقضية هنا لا تقتصر على جهة دون أخرى، فإذا كان اتحاد الكرة بقراراته واختياراته وعدم قراءته لما يجري على أرض الواقع، وما هو مفترض أن تكون عليه الكرة السعودية أندية ومنتخبات يتحمل الجزء الأكبر من المسئولية, فإنّ ثقافة تغليب الانتماء للنادي على مصلحة منتخب الوطن تظل هي الأخرى معيقة ومدمرة وتؤثر سلبياً على كيان المنتخب وعلى تطور وتقدم الكرة السعودية..
نعم على الاتحاد أن يؤسس بانضباطية، ويعمل بجد من الآن لطريقة إدارة مختلفة لشؤون الكرة تتجه نحو اختيار الكوادر والكفاءات المتخصصة والمتفرغة، وإعطائها كامل الصلاحيات كي تؤدي عملها بحرية واستقلالية بعيدة عن التدخلات ومحمية من ضغوط الإعلام ومن نفوذ الأندية, على اتحاد الكرة أن يكون حازماً في تعاملاته وقراراته وأن لا يسمح لكائن من كان ان يمارس تقليعاته ويبث شتائمه ويثير الفوضى والاحتقان في وسط رياضي جاهز عاطفياً ويتأثر تلقائياً من تصريح متهور أو تصرف أرعن، شاهدنا وسمعنا الكثير منها قبيل أيام من بطولة أمم آسيا ومرت رغم بشاعتها بلا رقيب ولا حسيب.. لقد جربنا سابقاً وفي مواقف عديدة اللجوء للقرارات المتسرّعة والحلول الوقتية وجميعها باءت بالفشل, كما أثبتت يوماً بعد آخر أنها مضيعة للوقت واستنزاف للجهد والمال في وقت يتطوّر فيه غيرنا, وفي عصر متسارع لا يحتمل الانتظار والاستسلام للظروف وترك( الدرعى ترعى) إلى أن تقع الفأس على الرأس.. وما يحيرني ويؤلمني هنا أنّ لدينا الإرث والتاريخ والبيئة والخبرة الرغبة والحماس والمكتسبات والجماهير الوفية المتفاعلة والإمكانات المادية والبشرية، التي تساعدنا على أن نكون أفضل بمراحل من كثيرين في الخليج وآسيا, أو على الأقل نعود إلى ما كنا عليه في الثمانينيات والتسعينيات الميلادية, وبصراحة بعد ما جرى في الدوحة وإذا لم نتحرك الآن بالشكل اللائق بما تحتاجه الكرة السعودية، وبما تتطلّبه المرحلة الراهنة، فسوف نجد أنفسنا عاجلاً غير آجل في القاع بعد أن كنا في القمة، وفي موقع يصعب الخروج منه بسهولة أو بضربة حظ لن تؤكلنا عيشاً ولن تدوم طويلاً ..
عبارة (لا نصر بدون النصر) في ملعب الريان كانت في مضامينها وتوقيتها تجسيداً حقيقياً ومعبراً لواقعنا المؤسف ومشاكلنا الأزلية المتنامية ولطريقة تفكير البعض وكيف ينظر ومتى ولماذا يشجع ويدعم منتخب الوطن؟!..
الدوحة