في حالات عديدة كانت الدولة تتدخل لإصلاح أخطاء، انطلاقاً من المصلحة العامة أو نتيجة فشل مشروع أعطي مداه وثبت عدم فعاليته، أو اقتضت الحاجة إلى التغير الإيجابي، وكنا نرى جراحات عديدة وفقت الدولة في تغييراتها، وهذا لا يحدث على مستوى قيادات إدارية فقط وإنما يحدث على مستوى أجهزة مثل الوزارات والهيئات، وخلال فترات متعددة تم فصل جهاز الكهرباء عن وزارة التجارة وإلحاقها بوزارة المياه، وفصل جهاز المياه عن وزارة الزراعة لتصبح وزارة للمياه والكهرباء، وتم حتى إلغاء وزارة هي وزارة الأشغال والإسكان، وإلحاق جهاز الأشغال بوزارة البلديات وإنشاء هيئة للإسكان، ووزارة البرق والبريد والهاتف تفككت إلى: الهاتف تحول إلى شركة الاتصالات؛ والبريد إلى مؤسسة مستقلة. وأيضا دمجت رئاسة تعليم البنات بوزارة المعارف لتصبح وزارة التربية والتعليم. وفصل الاقتصاد الوطني عن وزارة المالية وألحق بوزارة التخطيط، وألحقت الثقافة بوزارة الإعلام لتصبح وزارة الثقافة والإعلام، وهناك هيئات وأجهزة أخرى دمجت وألحقت بهيئات أخرى؛ عملت هذه الجراحات الدقيقة من أجل المصلحة العامة بهدف تنظيم وبناء الدولة، وكذلك لإسعاد ورفاهية المواطن ورفع المهارة المهنية من أجل العطاء والجودة.. حدث ذلك لكل أجهزة الدولة باستثناء قطاع الرئاسة العامة لرعاية الشباب بقيت كما هي من البواكير الأولى لتخطيط الوزارات والهيئات؛ بقيت رغم الإخفاقات الرياضية ورغم الأداء المتواضع ورغم الهزائم الرياضية في المحافل الدولية كان آخرها خروجنا المشين والمذل من الأدوار التمهيدية في مسابقة (الأمم) الآسيوية يوم الخميس الماضي، وقبل ذلك خروجنا من بطولة الخليج (20).
وحتى لو لم تحدث هزيمة (مذلة) في كأس آسيا كان من المناسب أن تشمل التغييرات الهيكلية قطاع رعاية الشباب وإعادة بناء جهاز ثبتت إخفاقاته بطولة وراء بطولة، وارتفعت الأصوات الإعلامية ضد هذا الجهاز عبر وسائل الإعلام الرسمية والمؤسسات الصحفية والانترنت ورسائل الجوال، وزارات تم تفكيكها وإعادة هيكلتها، ألغيت قطاعات وضمت قطاعات لأخرى وتمت إعادة بناء وزارة وأجهزة بناءً إداريا وفنيا وبقيت رعاية الشباب بعيدة عن تلك التغييرات لأكثر من ربع قرن، التغيرات مطلب حضاري ودليلاً على الصحة والتعافي في جسد الأجهزة التي يثبت فشلها وإخفاقها، وكما أن إعادة البناء في هياكل الأجهزة يعد مظهر دولياً ومؤشرا على الحرص على الجودة وتحقيق الأهداف العليا للدول.
الصورة أظهرتها عدسات الفضائيات في قطر لشريحة من الشعب السعودي وهي تتابع صافرة حكم مباراة السعودية والأردن معلنةً نهاية المباراة ومغادرتنا باكرا، صورة لا يمكن قبولها أو تمريرها لأنها تجسد الانكسار والخذلان والإحباط الشعبي من أداء جهاز أعطي الفرصة الكاملة والأموال والدعم المعنوي, وسخرت له جميع الإمكانيات لكنه انهزم ورسب أكثر من مرة وأثبت عجزه، وإذا قبلنا هذه الحالة المجسدة للحالة النفسية لمجتمعنا فنحن حقيقة نراكم الإحباط ونسمح له أن يتضخم ويتورم ويتمدد ليصبح سلوكا وأسلوبا قد يتحول إلى منهجية سلبية لا يمكن علاجه: فإلى متى تبقى رئاسة رعاية الشباب بعيدة عن التغيير وإعادة البناء، وهي إحدى المشروعات المتعثرة نشاهدها (عيان وبيان) في المحافل الدولية.