الجزيرة - رويترز
هون مسؤول كبير في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) من مخاوف من أن تراجع إمدادات الغذاء قد يؤدي إلى تكرار أزمة الغذاء التي حدثت في عام 2008 لأن المخزونات وفيرة. وفي الأسبوع الماضي قالت الفاو إن أسعار الغذاء العالمية بلغت أعلى مستوياتها منذ بدء تسجيل بياناتها في 1990 وأن أسعار الحبوب قد ترتفع أكثر من ذلك بسبب مخاوف بشأن سوء الأحوال الجوية.
وأصبح تضخم أسعار الغذاء على رأس أولويات العديد من صناع القرار حيث ما زالت ذكريات أزمة الغذاء في 2008 عالقة في الأذهان عندما تسبب ارتفاع الأسعار في اندلاع أعمال شغب في عدة بلدان وارتفاع التضخم والعجز التجاري للعديد من الدول.
وأقر هيرويوكي كونوما الممثل الإقليمي للفاو لمنطقة آسيا والمحيط الهادي خلال مقابلة مع رويترز في طوكيو بأن التوزان بين العرض والطلب على الغذاء بات دقيقاً. لكنه قال إن الوضع ليس بالسوء الذي كان عليه في 2008 لأن هناك ما يكفي من مخزونات الحبوب التي تعادل نحو ربع الإنتاج السنوي.
وقال كونوما «بصورة عامة حالة العرض والطلب على الحبوب الغذائية أصبحت دقيقة للغاية في الوقت الراهن لكن وجود ما يكفي من المخزونات يعني أنه لا يوجد سبب للقلق حالياً». وأضاف «لا نزال نحتفظ بمخزونات كافية تمثل نحو 25 بالمائة من الإنتاج السنوي. طالما هناك ما يكفي من المخزونات فإن هذا يعني أن لدى العالم ما يكفي من الغذاء لإطعام الناس». لكنه قال إنه في حالة استمرار تراجع المخزونات خلال السنوات القليلة القادمة سيكون هناك ما يدعو للقلق. وأظهر تقرير الفاو الأسبوع الماضي أن مؤشرها لأسعار الغذاء ارتفع في ديسمبر كانون الأول للمرة السادسة على التوالي. وبلغت أسعار السكر واللحوم مستويات قياسية بينما ارتفع مؤشر أسعار الحبوب الذي يشمل حبوباً رئيسة مثل القمح والأرز والذرة إلى أعلى مستوى له منذ أغسطس آب 2008م.
وقال كونوما وهو أيضاً مساعد المدير العام للفاو ومقره بانكوك إن من السابق لأوانه القول إن كان المؤشر قد واصل الارتفاع في يناير كانون الثاني. وقال «قد تكون هناك عوامل خارجية أخرى قد تسبب زيادات أخرى في الأسعار لكن من السابق لأوانه التكهن». وأضاف كونوما أن الارتفاعات في أسعار القمح والنفط هي بواعث القلق الرئيسة لكنها لا تزال أقل من المستويات القياسية التي بلغتها عام 2008 بينما انخفضت أسعار الأرز الغذاء الأساسي في آسيا بشكل حاد.
وضربت سلسلة من الكوارث الطبيعية عدداً من الدول الرئيسة المنتجة للحبوب مما أذكى المخاوف من نقص الإمدادات مع تنامي الطلب من اقتصادات ناشئة مثل الصين والهند. وسجلت أسعار الذرة وفول الصويا أعلى مستوياتها في عامين ونصف هذا الأسبوع بعدما أعلنت وزارة الزراعة الأمريكية خفضاً حاداً مفاجئاً في توقعاتها للإمدادات العالمية من الحبوب والبذور الزيتية.
واتخذت بلدان من بينها الصين والهند وكوريا الجنوبية والجزائر إجراءات لمكافحة ارتفاع أسعار الغذاء وتهدئة قلق المستهلكين المتنامي. وقال كونوما إنه رغم وجود بعض المؤشرات على الاستياء الاجتماعي إلا أنه لا مؤشرات على اندلاع أعمال شغب كتلك التي وقعت في 2008. ونجمت أزمة 2008 عن مجموعة عوامل من بينها انخفاض مستويات المخزونات العالمية من الحبوب الغذائية بعد تراجع إنتاج القمح بشكل حاد لسنتين متتاليتين في أستراليا. وقال كونوما «هذا العام.. رغم أن المخزون أقل منه في العام الماضي بنسبة ستة بالمائة إلا أنه ليس منخفضاً بشكل حرج كما كان قبل عامين». وقال كونوما إنه أسعار القمح ارتفعت 60 بالمائة منذ يونيو حزيران 2010 لكنها ما زالت أقل عن مستويات 2008 بنسبة 30 إلى 40 بالمائة.
ودفعت أزمة 2008 -التي أشعلتها في البداية مخاوف بشأن شح إمدادات القمح في بعض البلدان- بعض الحكومات إلى فرض قيوود على تصدير الأرز وهو الغذاء الرئيس البديل. وحث كونوما الدول على تجنب اتخاذ إجراءات حماية تجارية كفرض قيود على التصدير. ودعا المصدرين إلى الالتزام بالاتفاقيات التجارية الدولية لمنظمة التجارة العالمية وقواعدها. وأشار إلى بعض الأمثلة التي حدثت في السنوات الأخيرة حيث قيدت بعض الدول صادرات الحبوب لحماية أسواقها المحلية.
وقال كونوما: «هذا مقلق، ينبغي أن تكون هناك هيئة عالمية تحذر من ذلك وتمنعه». وأضاف أنه ينبغي أن تتدخل السلطات إذا بدأت مضاربات الأسواق تهدد حصول الناس على الغذاء. وقال «إذا تأثر توفير الغذاء بزيادات الأسعار ومضاربة السوق فينبغي أن نمنع ذلك لأن الغذاء ضروري لحياة الناس ولا ينبغي أن يعامل كشيء أو هدف استثماري. «تذبذبات الأسعار طبيعية. لكن المضاربة المفرطة فوق حدود معينة تؤثر على حياة الفقراء. هذا التزام أخلاقي ومسألة تتعلق بحقوق الإنسان. ينبغي أن يبحث العالم هذه المسألة بجدية كبيرة».