|
جدة - عبد القادر حسين / تصوير - محمد شاجع:
انتقد استشاريون ماليون ظهور وتنامي الشائعات مجددا في ساحة سوق الأسهم عبر العديد من مواقع ومنتديات الأسهم الإلكترونية وحذروا من أن هذه المواقع ابتكرت أساليب جديدة للترويج للشائعة لم تكن معروفة من قبل عبر تزوير رسائل جوال موقعة من بنوك تجارية، أو مكاتب استشارية معروفة وغيرها وقالوا إن بعض أعضاء مجالس بعض الشركات ومحللين وإعلاميين شركاء في الترويج لهذه الشائعات وتناقلت الكثير من هذه المواقع ما يدور في السوق من تجمعات خفية تروج لتوقعات غير سليمة حول حركة صعود وهبوط أسعار الأسهم التي تسهم في تكبد صغار المستثمرين والمساهمين خسائر فادحة وسيطر في السوق حاليا في ظل تراجع السيولة المتداولة الترويج لعمليات بيع سريعة وارتفعت وتيرة الإغراء بصغار المساهمين حتى أصبح الاشتراك في العديد من المنتديات برسوم خيالية زعما في أنها «أي المنتديات» ستكون البوصلة الحقيقية التي تقود مشتركيها إلى عالم الثراء السريع من خلال الاستثمار في الأسهم ويتداول الكثير من المساهمين والمستثمرين (المتلاعبون) عبر هذه المواقع والمنتديات الترويج للإشاعات بشكل مقلق وأيضا يمارسون هذا الدور عبر وسائل أخرى كأجهزة الهواتف النقالة والجوالات عبر»رسائل النصح» وذلك من خلال مجموعة من خبراء ومحللين الترويج المجاني عبر الإنترنت ويلعب الهوامير الدور الأبرز في هذه السيناريوهات عبر أسماء مختلفة في عمليات ترويج لما يعرف ب»التوصيات» وذلك من أجل كسب أكبر مجموعة من الضحايا خصوصا المستثمرين الجدد وحذر خبراء ماليون مجددا من تنامي شبكات تروج (للتوصيات).
أساليب مبتكرة للترويج
يرى رئيس بيت الاستشارات المالية أن الشائعات ليست بالأمر الجديد على سوق الأسهم، فهي جزء لا يتجزأ من مكوناته الأساسية، ويخطئ من يعتقد بغير ذلك وقال المحلل الاقتصادي فيصل صيرفي إن أكثر من 60% من المتداولين يعتمدون على منتديات الأسهم كمصدر للمعلومة التي لا تخلو في أحيان كثيرة من توصيات الشراء، البيع، الخروج من السوق، وغيرها ومثل هذه التوصيات تمثل أداة من أدوات كبار المضاربين يستخدمونها الاستخدام الأمثل للتأثير على السوق والمتداولين لتحقيق أهدافهم المشبوهة ورأى صيرفي أن الشائعات هي إحدى وسائل الهدم المدمرة للسوق والمتداولين، بل هي سرطان ينهش في جسد السوق وقد اكتسبت في الآونة الأخيرة أساليب جديدة لم تكن معروفة من قبل، كرسائل الجوال المزورة الموقعة من بنوك تجارية، أو رسائل إلكترونية تبعث من دوائر إلكترونية مزورة تنتحل العناوين الأصلية لبعض البنوك، المكاتب الاستشارية، أو بيوت الخبرة، ما يعطيها مزيدا من الثقة وقوة التأثير في المتلقي. وأضاف صيرفي: مهما نشطت هيئة سوق المال، وبعض الجهات المتخصصة في التحذير من خطر الشائعات فإن المردود الإيجابي لا يرقى إلى مستوى التطلعات. وضرب صيرفي مثلا بالحملة الإعلانية المكثفة التي قامت بها هيئة السوق التي تحذر من خطر الشائعات التي، وعلى الرغم من كفاءتها وتكلفتها الباهظة إلا أنها لم تستطع حتى الآن في الحد من اعتماد المتداولين واهتمامهم بالشائعات. وتابع صيرفي: أعتقد أن للثقافة الاستثمارية العامة دورا بارزا في التعاطي مع الشائعات والقبول بها على الرغم من مخاطرها الكبيرة على مستوى المتداولين وسوق الأسهم. هناك الكثير من المتداولين ممن تعرضوا لخسائر فادحة بسبب اعتمادهم على الشائعات، وعلى رغم تجربتهم القاسية إلا أنهم لا يترددون في قبول الشائعات والاعتماد عليها في قراراتهم الاستثمارية. إضافة إلى ذلك فإن وضعية السوق، وسيطرة عنصر المضاربة على أكثر من 90% من عملياتها اليومية ساعد كثير في بث الشائعات، وتضخيمها، وإقناع الآخرين بها. ومضى صيرفي: هناك جهات كثيرة تسهم في بث الشائعات وترويجها داخل السوق منها بعض كبار المضاربين، وبعض أعضاء مجالس الإدارات، وبعض مواقع الإنترنت، وبعض المحللين، وقلة لا تذكر من الإعلاميين أيضا.
الوسيلة الناجعة للقضاء
على الشائعات
وخلص صيرفي إلى أن الوسيلة الناجعة للقضاء على الشائعات هو تطبيق مبدأ الشفافية القصوى على جميع الأطراف ذات العلاقة بسوق الأسهم دون استثناء والعمل على فتح قنوات الاتصال المباشرة للرد على استفسارات المستثمرين والإعلاميين، إضافة إلى تطبيق مبدأ تفنيد الشائعات المؤثرة في وقتها وإن كان من خلال تسريب الردود الموثقة عن طريق وسائل الإعلام، وأخيرا تعيين متحدث رسمي لهيئة السوق يكون متواجدا خلال ساعات التداول للرد على استفسارات الإعلاميين في حينها، وإلزام مجالس إدارات الشركات المدرجة في سوق الأسهم بتعيين ضابط اتصال يتولى عملية الرد على استفسارات المساهمين، ورجال الإعلام في حينها دون تأخير أو تسويف.
سوق ثانوي لبعض الشركات
واعتبر المحلل الاقتصادي الدكتور فضل البوعينين أن المشكلة تكمن في أن الإشاعة في سوق الأسهم تتحول إلى واقع ملموس بشكل سريع حيث إن الأشخاص الذين يروجون لها يدركون أنها ستتحول إلى واقع وتجد أن أغلب الشركات التي يطلقون حولها الإشاعة تصل إلى أرقام قياسية كبيرة وفي وقت وجيز. وقال أبو اثنين: لقد أصبح واضحاً للعيان أن الوسيلة المثلى لعمل الربح السريع أن تتم بالإقناع وانتقال المعلومة وأصبح الشخص الذي يضارب وسيلته المثلى أن يتجه لهذا السلاح وهي وسيلة قوية وفعالة. وأضاف: لا بد أن نضع حلول جذرية للقضاء على هذه الظاهرة التي بدأت تتنامى مجددا بشكل كبير، ودعا أبو اثنين الجهات المسئولة عن السوق إلى تحويل أية شركة لا يوجد لديها ربح تشغيلي إلى سوق ثانوي لأنه لا بد من حماية الناس منها حيث إن عدد الشركات التي تعاني من خسائر وتعاني من عدم وجود ربح تشغيلي يتجاوز عددها 25 % من إجمالي عدد الشركات المتداولة في السوق خلال هذا العام.
دور ملموس للهيئة
من جانبه استبعد المحلل عبد الله العبد الكريم أن يكون هناك قصور من قبل هيئة سوق المال حيث إن لديها دور كبير في إيجاد وسائل كثيرة للحد من عمليات الترويج التي كانت السبب في ضياع كثير من المساهمين في السوق وإهدار أموالهم في وقت قصير مشدداً على أن السوق المالية سوق ناشئة وتحتاج إلى وقت طويل لتطويرها والدور الملاحظ حاليا هو تغير في كثير من الأنظمة القديمة التي كانت سببا في تأخر السوق حيث إن مثل هذه المشكلة تعتبر من الإشكاليات الثانوية التي تمر في أية سوق مالية بالعالم، والهيئة تبذل قصارى جهدها حاليا لتنظيم السوق فمن الصعوبة بمكان أن يتم تعديل كافة الأنظمة في يوم أو ليلة فالسوق يعكس ثقافة المجتمع حيث إن الإشاعة والمنتديات بدأ لها صوت مسموع لدى الكثير من المتعاملين ولعل إنشاء سوق ثانوي سيعزز مكانة سوق الأسهم ويفتح باب استقاء المعلومات الصحيحة من مرجعها دون الحرص على أخذ وسائل الترويج والتوصيات من وسائل الأجهزة الحديثة.
المشكلة ليست في المنتديات
وحول توجه الهيئة إلى حجب منتديات الإنترنت الخاصة بالأسهم قال الدكتور عبد الله ذاكر خبير ومستثمر في السوق إن المشكلة ليست في المنتديات ولكن المشكلة من يتجاوبون معها وتصديق ما يكتب فيها وتحويل كلام هذه المنتديات إلى واقع، وقال إذا لم توجد قواعد أساسية تحد من تحويل ما ينشر في المنتديات إلى واقع فستعم الفوضى في سوق الأسهم خاصة في أسعار الكثير من الشركات وذلك بعد أن أثبتت هذه المنتديات أنها تتحكم في أسعار الكثير من الشركات صعوداً ونزولاً. وأضاف: ما ينشر من توصيات عبر الجوال والإيميل الهدف منه التغرير بالمتعاملين وذلك لخلق أكبر قدر ممكن من عمليات الشراء وبالتالي انعكاسها على قيمة السهم. وتستند هذه المواقع للتغرير بالمتعاملين باعتمادها على خبراء ومحللين بالسوق لهم باع طويل في مجال الأسهم على حد قولهم.يذكر أن العديد من المواقع الخاصة بالتوصيات بدأت تعمل على نطاق تجاري واسع حيث باتت قيمة الاشتراك السنوي في الكثير منها يتجاوز 1500 ريال وبخيارات متعددة عن طريق الإنترنت أو عن طريق رسائل الجوال.