يتساقطون كما ورق الخريف...
تلتهمهم الريح من كل صوب...
هناك فخاخ تفتح أفواهها الشرهة لتأخذهم في جوفها.. تغسلهم بغسلينها، تلونهم بأصباغها..، تضفي عليهم هالاتها.. تغذيهم بطميها وعجاجها..، وترسلهم مردة في هيئة بشر..، يعودون لأعشاشهم فلا هي مواطن الشجر في حسهم.. ولا هي مأوى السكينة في قلوبهم..يتحركون كالآلات.. ويفعلون فعلها.. يتفجرون بلا عقل.. ويكتسحون الأخضر والنابت..، والشاهق والغالي... آباءهم وأوطانهم، وأمهاتهم وأحباءهم.....،
هناك في جانب آخر يتساقطون تمردا.. لقمة العدل غير متناصفة.. موصدة دون المقهورين منهم أبواب العمل، والمعاش، والتعلم، والحياة..
يتساقطون في كل مكان مع هدير الأنغام..، وصخب الألوان..، وأصوات النداءات المشوقة...
كما ورق الخريف شباب، في عمر الزهور لمَّا بعد تنضج في غصونها...
وتسأل لماذا تأتي الحياة بنقائضها..؟
هل لأن الزمام قد انفرط ولم تعد كفوف الآباء تمسكه..؟
أم لأن الآباء أنفسهم قد انفرط الطريق بمعارجه أمام أعينهم..؟
أم لأن العقول الحاضنة بوعي، قد وُضعت في مرامي الدواليب العنيفة التي تجمع كل شيء، مع كل شيء،.. فخلطت كل شيء..، بكل شيء...
ما ذنب الأعمار الغضة التي لما بعد قد شهقت فرحة الروح في أجسادها..، ولا تذوقت طعم الحياة في ناظريها..لتصبح أسماؤهم قوائم مطلوبة للعقاب بسندانه..؟ أو لرحمته بأمانها..؟
لماذا يسقط خمسون منهم وأكثر هناك في تونس مثلا، بطلقات تلجم نداءاتهم في عدالة المسار..، وتستحيل الأرض تحت أقدامهم لنهر دماء..؟
ولماذا هنا تسهر العيون جراء نكباتهم وضلالتهم..؟
لماذا غدا الشباب طعم الأنباء، وتوجس القلوب..؟ وفخاخ الغفلة..؟
هذه الطاقات الكامنة ذخرا لأمتها..كيف تعود لمسارات الحرث والزرع والإثمار..،
خلل لا بد كبير في محاضنهم...
فجوات لا بد عميقة في دروبهم..
مسارات لا بد غامضة في عيونهم..
قلق لا بد كبير في صدورهم..
تمييع لا بد بشأنهم...
غفلة لا بد بمقدراتهم..
ثمة ما يدعو للتخطيط المثمر.. ويدعو لليقظة المدروسة..
ويدعو بكل صوت، كلّ وسيلة لرحمة الأجيال العربية المسلمة من فخاخ الإيقاع..،
دروع مكينة لا بد أن تشد ظهورهم، وتحمي صدورهم وتمد عقولهم..
خطط احتواء أقدامهم عن الزلل..
كي لا يسقطوا بعد أن تلتهمهم الفخاخ الخفية...
هي ليست أسئلة تفغر أفواهها ببلاهة..
وهي لا بد إجابات تتحرك على رقعة الأرض..في المجتمعات العربية كلها والمسلمة..
في نفوس وعقول المتحركين فوقها دون تنفيذ..،
بل هي الهمم في الذين بأيديهم صولجانات الطرق على الأبواب
ليفتحوا لهم بها أبواب النور..،
وليغلقوا أمامهم بها أبواب الظلام..
في كل خلية من خلايا النفوس.. والعقول.. والسواعد..لهؤلاء الشباب..
بنّائي المستقبل..في الوطن العربي الكبير..
والمجتمع المسلم المفجوع...
إنهم الثروات..، وإنهم الفلذات.