قال لي ابني حمزة - وفَّقه الله ورعاه - لماذا لا تضع وزارة العمل، أو التجارة، أو أيّ جهة حكومية مسؤولة عن الأسواق والمحلاّت التجارية ضوابط لأشكال البائعين وأزيائهم، وهو أمرٌ معروفٌ عالمياً من حيث الإلزام بطريقة معيَّنة في لباس الموظّفين والعاملين؟؟.
قلت له : ما الذي دعاك إلى هذا السؤال؟
قال: زميل لي حدثت له مشكلة في سوق من أسواق الرياض الكبيرة، حيث وقف أمام بائعٍ متأنِّق متغنِّج، يلبس ملابس ضيِّقة، وقد كشف صدره بطريقة لافتةٍ للنظر، وعلَّق فيه سلسالاً ذهبياً، وأخذ يتحدّث باسترخاء مع بعض النساء المشتريات، وهنَّ مع الأسف يتجاذبن معه أطراف الحديث كأنه أحد المحارم، فما كان من الزميل العزيز، إلاّ أن وجَّه نصيحة للبائع قائلاً: أغلق قميصك على صدرك - لو سمحت - فأبى وعاند، وأصرَّ زميلي على موقفه مؤكداً للبائع أنّ هذا المظهر مرفوض حتى من الناحية النظامية، فالبائع يقدِّم خدمة البيع، وليس بعارض أزياء، وانتهى المشهد بمعركة خفيفة تدخّل فيها بعض من شهدها من البائعين الذين سارعوا بتغطية صدورهم بعد أن وجدوا معظم الناس المرتادين للسوق ممن حضر المعركة يؤيِّدون ما قال الزميل العزيز، وقد تبيَّن لي من كلام ابني، وما رواه عن زميله أنَّ ظاهرة البائع (المغناج) منتشرة في الأسواق بصورة لافتة للنظر، وأنَّ معظم المتسوِّقين لا ينتقدون هذه الظاهرة، ولهذا انتشرت بصورة مزعجة.
هنا أقول: إنّ المسؤولية في هذا الأمر تقع على عواتق أربع جهات: أوّلها، الجهات الحكومية المعنيّة التي هي مسؤولة عن وضع مجموعة من الشروط والضوابط تحقِّق الحد المطلوب من الحشمة والأدب والسلوك الاجتماعي السوي، وثانيها أصحاب المتاجر، والأسواق، والشركات والمؤسسات الذين يحملون مسؤولية وضع ضوابط وشروط للعاملين معهم وفق شرعنا وعادات مجتمعنا الطيبة، وثالث تلك الجهات المرتادون للأسواق من مواطنين وغيرهم، أن يكونوا إيجابيين في مواجهة هذه المظاهر المخالفة بالتوجيه والنصيحة، والتواصل مع أصحاب المحلات التجارية مباشرة لمناصحتهم، ومطالبتهم بوضع الضوابط الملائمة للباس البائع وشكله الخارجي، فكما أنّ البائع مأمور بعدم التلفُّظ بألفاظٍ غير لائقة، فلابد أن يُؤْمر بعدم استخدام لغة اللباس المخالفة غير اللائقة.
أما رابع تلك الجهات فهم البائعون أنفسهم، إذْ يجب عليهم أن يحترموا الناس، والمجتمع، وأن يتّقوا الله عزّ وجل - قبل ذلك - ويراقبوه فإنهم محاسبون على كلِّ صغيرة وكبيرة في مجالات أعمالهم، فإنَّ عواقب ذلك وخيمة في الدنيا والآخرة.