كنتُ في زيارة عمل لمدينة تبوك، وكانت المرة الأولى التي أرى فيها تلك المدينة، وكانت معرفتي بها أنها تميل إلى منطقة عسكرية، وعند وصولي إليها وجدت مدينة عصرية أبهرتني بجمالها وأهلها الطيبين والمتطورين بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى؛ فتجد السير المنظم، ولم أرَ سلوكاً سيئاً في قيادتهم لمركباتهم، ناهيك عن نظافة المدينة. هذه الزيارة كانت لمقابلة صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز لأمر يخصني؛ حيث إنه يجتمع بالمواطنين وأعيان المدينة في الإمارة كل يوم أحد، وعند وصولي إلى الإمارة كان الترتيب لجلسة سموه على قدم وساق من المسؤولين، كل فيما يخصه. وعند وصول سموه الكريم إلى المجلس حيى الجالسين في المجلس، ثم ابتدأ من له حاجة بالسلام على الأمير الأنيق، وأنا لا أقول الأنيق بقصد الملبس، ولكن ردود سموه على المواطنين كانت في منتهى الأناقة والأدب، وليسمح لي سمو الأمير الشاب أن أذكر حواراً له مع أحد المواطنين أمامي وأنا أنتظر دوري، يشهد الله عليّ لم أكن أسترق السمع، ولكن كنت على مقربة من سموه، وكان هذا المواطن يتقدم للأمير بمعروض فحواه أنه يتكلم باسم بعض البادية من جماعته، ويقول إن الأمطار أغرقتهم وأتلفت الخيام وبيوت الشعر، ويطلب معونة من الأمير له ولجماعته، فقال له سموه الكريم «يا أخي وش ها المطر اللي جاكم ما درينا عنه ولا سمعنا به وحنا ودنا بالمطر». ثم وجّه سموه الكريم كلامه لبعض الأعيان الذين أتوا للسلام عليه، ووجّه سمو الأمير سؤالاً لهم: «يا جامعة جاكم أخبار عن المطر؟» حيث إن المنطقة كانت ممطورة بالفعل قبل يوم أو يومين من الواقعة، فرد أحدهم وقال: «جانا أخبار عن المكان الفلاني والقرية الفلانية مثل الذي جانا بتبوك، ولم نسمع أي أخبار عن أمطار غزيرة»، وعدّد الموجودون كل القرى حتى وصلوا إلى مدينة حائل، فرد سموه بكل هدوء وقال: «هذي الأخبار اللي عندي». وبعد ذلك وجّه سموه مدير مكتبه لعلاقات الجمهور بطلب المواطن والتأكد مما كتبه في خطابه الذي طلب فيه التعويضات لبني قومه. طبعاً لم ينهره، ولم يعلُ صوته، بل كان الحوار بمنتهى الهدوء، وهذا ينم عن معرفة سموه للبادية ومن يتكلم باسمهم، أنا سمعت هذا الحوار كاملاً، وهذا يعني اهتمام سمو الأمير بأحوال رعيته؛ حيث خضّب عروس الشمال بالجهد الجبار والمتصل في أعمال المشاريع المتعددة لهذه المدينة العصرية، مثل: خزان المياه العملاق، ومطار تبوك الجديد الذي سيُفتتح قريباً. لِمَ لا وهذا الشبل من ذاك الأسد. وفي يومنا هذا خرج سمو الأمير بعد انتهاء الجلسة ولديه زيارة عمل لإدارة البلديات. وتخيل أنه ذهب إلى موقعهم الساعة 2.14، وقبل ذلك سئل سمو الأمير من جهة رسمية حول تشغيل نظام ساهر المروري فرفض سموه تشغيله ما لم يكن هناك توعية بهذا واستكمال جميع اللوحات الإرشادية التي يتطلبها تشغيل هذا النظام.
تحياتي لسمو سيدي، وهنيئاً لأهل تبوك بهذا الأمير الأنيق - حفظه الله لهم -.