يحكي أحدهم أنه في مدينة البندقية وفي ناحية من نواحيها النائية، كنا نحتسي قهوتنا في أحد المقاهي فيها والتي كان الجميع يثني عليها.
فجلس إلى جانبنا شخص وصاح على النادل اثنان قهوة من فضلك واحد منهما على الحائط مشكورا، فأحضر النادل له فنجان قهوة وشربه صاحبنا، لكنه دفع ثمن فنجاني القهوة!، وعندما خرج الرجل قام النادل بتثبيت ورقة على الحائط مكتوب فيها: فنجان قهوة واحد، فتعجبنا من هذا المشهد وسخرنا كذلك!
وبعده بلحظات دخل شخصان آخران وطلبا ثلاثة فناجين قهوة قائلين معاً: واحد منهم على الحائط، فأحضر النادل لهما فنجانين فشرباهما، وكذلك دفعا ثمن ثلاث فناجين وخرجا، فما كان من النادل أيضاً إلا أن قام بتثبيت ورقة على الحائط مكتوب فيها فنجان قهوة واحد. وعلى ما يبدو أن الأمر قد دام طوال النهار وأخذ من دهشتنا ومن ثم تساؤلنا.
وبعد ذلك بأيام عدنا و دخلنا لاحتساء فنجان قهوة في ذات المقهى، فدخل شخص يبدو عليه الفقر والحالة الرثة، فقال للنادل: فنجان قهوة من الحائط!
أحضر فوراً له النادل فنجان قهوة، فشربه وخرج من غير أن يدفع ثمنه!
وبعد ذلك ذهب النادل إلى الحائط وأنزل منه واحدة من الأوراق المعلقة، ورماها في سلة المهملات. وحينها استيقظ وعينا.
(ما أروع أن نفكر كيف نعطي المحتاج بدون أن نخدش شعوره وأن نتعاون بالقليل بدون أن نبخسه فهكذا تُفعَّل الأخلاق في المجتمع وهكذا تتكاتف الأيدي).