لقد من الله سبحانه وتعالى الله على البشرية بمنن كثيرة، وآلاء عظيمة، ومن أعظم تلك المنن، نعمة الزواج، ففي جملة تفصيل القرآن الكريم لمجموعة من المنن الربانية قال ربنا الرحمن:
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21).
إن هذه الألفة وذلك التراحم الفطري بين الزوجين جاء الإسلام ليعززه وينميه، والناظر إلى أحاديث الحبيب المصطفى والقدوة المجتبى -صلى الله عليه وسلم- يجد ذلك واضحاً جلياً:
قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ) رواه الترمذي.
إذا كان حسن الخلق مطلوباً بين جميع الناس، فهو بين الزوجين أكثر تأكيداً، فالزوجان بحسن خلقهما يؤسسان بيتهما على الألفة والمحبة، والمودة والرحمة، فهما بهذه الحال يحفظان أواصر المحبة بينهما، ويكونا قدوة لأبنائهما، فيتوج هذا البيت بالخيرية التي نص عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- وجعلها أساساً في تعامله مع أهله.
قال صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي) رواه الترمذي.
ففي هذا الحديث الشريف، تأكيد على عظمة هذا الدين الذي أعطى كل ذي حق حقه، وفيه كمال خلق النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه مع مهامه العظام ومشاغله الكثيرة إلا أنه أعطى المساحة الكافية لزوجاته وبناته رضي الله عنهن.
وفي هذا الحديث فائدة جليلة تتمثل في أن القيام بحق الأهل من التعبد والتقرب إلى الله تعالى، وهو خير للمسلم في دينه ودنياه.
فالأجر في القيام بحق الأهل أجر مضاعف، ولذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (دِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْراً الذي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ) رواه مسلم
فحري بنا أن نقيم بيوتنا على هذا الأساس المتين، وهذا النهج القويم، لنفلح في الدنيا وفي الآخرة.