Wednesday  05/01/2011/2011 Issue 13978

الاربعاء 01 صفر 1432  العدد  13978

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

الحرارة في الشتاء
رياض بن سليمان السلطان

رجوع

 

نظراً لانتشار (الإنفلونزا) بالمسمى الحديث، و(الحمى) و(أمِّ مَلْدَم) بالمسمى الشرعي الذي ورد في النصوص النبوية في هذا الوقت من السنة، أردت أن أوظف النصوص الشرعية النبوية، لنكتشف ماهية هذا المرض، لحسن المؤمن تعامله مع هذا المرض بالتصور الصحيح عنه، وأجر الصبر، والاحتساب فيه:

أولاً: (عن ابن عمر -رضي الله عنهما-عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: الحمى من فَيح جهنم! فأطفئوها بالماء...) أخرجه البخاري.

وفي رواية عند (البخاري) من حديث (رافع بن خديج) -رضي الله عنه-: (من فور جهنم) والصحيح: إن الحمى قطعة من نار جهنم حقيقة وليش تشبيها ولا مجازاً كما قال بعض العلماء لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وإن الحمى قطعة من النار) أخرجه (أحمد) في مسنده.

ولذا فإن الله - سبحانه وتعالى- أظهر لعباده في الدنيا شيئاً من حرارة، وسموم، وزمهرير جهنم حقيقة، لحكم متعددة منها، لتكون عظة، وعبرة لعباده المؤمنين، ومن ذلك: شدة الحر صيفاً، وشدة البرد شتاء، وأنهما نفسين من جهنم:

(عن أبي هريرة قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم- اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكل بعضي بعضاً! فجعل لها نفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها وشدة ما تجدون من الحر من سمومها). أخرجه (ابن ماجة) في سننه. وقال (الألباني): (صحيح) وهذا يدل على أن جهنم منها ما هو زمهرير شديدة البرودة، ومنها ما هو سموم شديدة الحرارة.

ثانياً: أثبتت النصوص النبوية: أن (الحمى) مخلوقة تتحدث، وتصف نفسها، وتستأذن، وتؤمر، وتطيع: (عن جابر قال: استأذنت الحمى على النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: من هذه؟ قالت: أم ملدم (وأم ملدم هو الاسم الشرعي الثاني لها). قال: فأمر بها إلى أهل قباء! فلقوا منها ما يعلم الله (من التعب والألم)، فأتوه فشكوا ذلك إليه! فقال: ما شئتم إن شئتم أن أدعو الله لكم، فيكشفها عنكم وإن شئتم أن تكون لكم طهوراً؟! قالوا يا رسول الله! أو تفعل؟ (أي: تكون الحمى طهوراً لسيئاتنا، وذنوبنا! تفعل ذلك؟) قال: نعم! قالوا: فدعها) أخرج (أحمد) في (المسند)، وصححه: (الألباني).

وفي رواية عند البيهقي في (شعب الإيمان): جاءت الحمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ابعثني إلى آثَر أهلك عندك (أي: تحب لهم الأجر، والخير) فبعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأنصار...).

(عن سلمان، قال: استأذنت الحمى على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: من أنت؟ قالت: أنا الحمى! أبري اللحم، وأمص الدم، قال: اذهبي إلى أهل قباء) أخرجه (الطبراني) في (المعجم الكبير).

ثالثاً: أن الإصابة بالحمى والصداع دلالة خير وصلاح ورضى من الله- تعالى-:

(عن أبي هريرة قال: مر برسول الله- صلى الله عليه وسلم- أعرابي أعجبته صحته، وجلده! قال فدعاه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: متى أحسست أم ملدم؟! قال (الأعرابي) وأي شيء أم ملدم؟! قال (صلى الله عليه وسلم): الحمى. قال (الأعرابي): وأي شيء الحمى؟! قال (صلى الله عليه وسلم) سخونة تكون بين الجلد والعظام. قال (الأعرابي) ما بذلك لي عهده! قال (صلى الله عليه وسلم): فمتى أحسست بالصداع؟! قال (الأعرابي): وأي شيء الصداعُ؟ قال: (صلى الله عليه وسلم): ضربان يكون في الصدغين والرأس. قال (الأعرابي): ما لي بذلك عهد! قال (أبو هريرة): فلما قفّا أو ولى الأعرابي قال: (صلى الله عليه وسلم): من سره أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إليه). أخرجه (أبو يعلى) في مسنده و (أحمد) في مسنده، واللفظ له.

قوله: (ضرَبان يكون في الصدغين والرأس) يعني: حركة قوية في عرقي الصدغين تسبب ألما سماه الرسول صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي معنا: (الصداع) والصدغ: مكان في رأس الإنسان بين العين، والأذن.

عن (فاطمة أنها قالت: أتينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نعوده في نساء، فإذا سقاء معلق نحوه يفطر ماؤه عليه من شدة ما يجد من حر الحمى! قلنا يا رسول الله!: لو دعوت الله، فشفاك؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) أخرجه (أحمد) فبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الحمى من البلاء الشديد الذي يصيب الأنبياء ثم الأقرب إلى أتباعهم، والاستقامة على طريقهم، لما فيه من تكفير السيئات وزيادة الحسنات: (قال أبو هريرة: ما من مرض يصيبني أحب إلي من الحمى، إنها تدخل في كل عضو مني، وإن الله يعطي كل عشو قسطه من الأجر) أخرجه (البيهقي) في (شعب الإيمان).

فلن يستطيع الإنسان مهما بلغت ثقافته ودقة نظره في نظام الحياة أن يصل إلى مثل هذه التفسيرات الإلهية لهذا المرض أو غيره من العوارض، التي تجعل الإنسان في أكمل حالات الاحتساب والتسليم لأقدار الله - تعالى- مهما كانت شدتها ومشقتها! وأن يدرك حقيقة هذه العوارض والأمراض ومصدرها، ووظيفتها التي هيأها، وسخرها الله لها!

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة