ما إن تدخل إلى أحد الأحياء السكنية حتى تعجب لذلك النسق العمراني المتميّز وتلك الشوارع الفسيحة التي تنبئ عن جهود تُبذل فتُشكر ولكن ما يخدش ذلك النسق العمراني المتميّز بعض البثور التي تشوّه جمال أحيائنا السكنية عامة وقلما يخلو حي سكني منها تلك البثور التي أصبحت تشوّه جمال الأحياء السكنية وتعكس منظراً غير حضاري يتفاجأ به الزائر لتلك الأحياء عوضاً عن ما يعانيه سكان تلك الأحياء السكنية من مشكلات عديدة جراء وجودها، تلك البثور التي تشوِّه جمال مدننا وأحيائنا السكنية وتعطي صورة غير حسنة لكل قادم وزائر هي المباني القديمة والمساكن المهجورة التي تركها سكانها للبحث عن الأفضل أو لعدم القدرة على تحسينها لكي تواكب التطور العمراني المحيط بها، حيث أصبحت تلك المباني والمساكن مصدر خطر يهدّد حياة السكان، إذ أصبحت مكاناً مناسباً لرمي النفايات سنوات بعد أخرى مما أدى إلى تراكمها في منظر غير حضاري، كما أصبحت بؤرة لنقل الكثير من الأمراض عن طريق البعوض والذباب للمنازل المجاورة ومرتعاً خصباً للكثير من الحيوانات الشاردة والكلاب الضالة، كما يشتكي الأهالي من أنها أصبحت ملاذاً آمناً لكل متشرّد أو من يمارس بعض التصرفات المشبوهة بعيداً عن أعين الرقيب، كما أضحت بعض تلك المباني مساكن للعمالة السائبة، كما أنها قد تكون مكاناً آمناً ومسرحاً للجريمة لا سمح الله، كما أنها قد تستغل من بعض أصحاب الأفكار الضالة والمنحرفين كمكان للتجمع أو تخزين بعض الأشياء المحظورة عوضاً عما تشكّله من عائق لعمليات الإسعاف والإنقاذ في حال وقوع حوادث لا سمح الله أو بما تشكّله من خطر سقوطها على المارة والسكان المجاورين لها، فمن المسؤول؟ هل ننتظر حتى تقع الفأس في الرأس ثم نأتي لنبحث عن الحلول المناسبة؟ ولكن متى بعد فوات الأوان؟ لماذا لا تتحرك البلدية والجهات المسؤولة الأخرى لهدم تلك المباني أو إزالتها أو إجبار أصحابها على إعادة بنائها وترميمها بما يتناسب مع المباني المجاورة والاستفادة من دخلها مادياً أو ترميم ما يشكّل منها معالم حضارية قديمة من قِبل الدولة وجعلها كمزارات سياحية لتشكّل بذلك رافداً اقتصادياً للدولة، أو شراء تلك المباني من قِبل الدولة بمبالغ مناسبة وتحويلها إلى مدارس أو مراكز حكومية أو مراكز صحية ومستشفيات وبذلك نقضي على ندرة توفر الأماكن المناسبة لإقامة مثل تلك المرافق الخدمية، كما ندرأ خطر استغلالها وتشويهها لجمال مدننا وأحيائنا السكنية. إن مسؤولية إيجاد حل مناسب لهذه المباني القديمة لا يقع على عاتق الجهات المختصة فقط بالدولة وإنما يتعداه إلى أصحابها الذين يتوجب عليهم إدراك المخاطر الناجمة عن تركهم لمساكنهم القديمة دون استغلالها بالشكل المناسب، حيث قد تكون مصدر دخل وعائد مادي إضافي لهم في حال قيامهم بترميمها وصيانتها ومن ثم تأجيرها أو بيعها والاستفادة من ذلك المردود المادي، لذا فلا بد من تظافر الجهود الخيِّرة من قبل أصحاب تلك المباني والبلدية والدفاع المدني والأمن العام والجهات المسؤولة الأخرى لإيجاد الحلول المناسبة، مع إيجاد مكاتب خاصة في كل بلديه لمعالجة مشكلة تلك المباني القديمة والمساكن المهجورة وإحضار أصحاب تلك المباني والمطالبة بترميمها لتواكب التطور العمراني الذي نعيشه، مع فرض غرامات مناسبة على كل من يتعمد الإهمال وعدم التجاوب من أصحاب تلك المباني وبذلك نحد من مشاكل استغلالها بطرق غير نظامية ونحافظ على مدننا وأحيائنا السكنية من تشويه تلك المباني القديمة والمساكن المهجورة ونحافظ على السمة الحضارية التي تتميز بها مملكتنا الحبيبة. والله ولي التوفيق والهادي إلى سواء السبيل.
الرياض