في العام 1954م سعت منظمة الأمم المتحدة إلى تذكير العالم بعد حربين عالميتين مدمرتين بأن الطفولة في خطر محدق، فلم يكن بوسعها إلا أن تعلن يوم الثاني والعشرين من شهر نوفمبر من كل عام مناسبة عالمية تعيد من خلاله التوصيات المهمة حول شأن الطفل وواقع المؤسسات التي تعنى بالطفولة.
فالعالم يعرف بداهة أهمية مرحلة الطفولة، إلا أنه قد لا يجد دوافع هذا التفاعل، من قبيل أنه أنجزكل ماله علاقة بشأن الطفل وحقوقه، على نحو العالم الغربي (الولايات الأمريكية ودول غرب أوربا) وكذلك شرق آسيا (اليابان وبعض الدول حولها) إذ يلحظ المتابع أنها استوفت شرطية التميز فيما يتعلق بحقوق الطفل.
إلا أنه فيما سواها من بلاد لا تزال المسافة متباعدة بين الأحلام الأممية من اليونسكو إلى الإيسسكو مروراً بمنظمات وجمعيات كثيرة تعنى بالأسرة والطفل لتبذل قصارى الجهد من أجل درء الأخطار التي تحدق بالطفولة منذ عقود عديدة. فمن الأهمية بمكان أن يكون المنهج واضحاً والرسالة مفعمة بالإنسانية والعدل من أجل أن يظفر الطفل بحقوقه ومعرفة الواجبات نحو الطفولة بوصفها مهد البشرية، ونبتة تحتاج لمن يتعهدها بالعناية حتى تكبر، لتقدم للحياة صورة أجمل ورؤية أكثر تجاوزاً وتميزاً في العطاء. فبعد ستة عقود من انطلاق مناسبة «اليوم العالمي للطفل» تكشف الدراسات أنه لا يزال الكثير مما لم يتم إنجازه، ومن حسنات هذا النقد أن الجميع لا يمكن أن يتملص من هذه المشكلة التي يعاني منها الطفل بشكل عام، ناهيك عن معاناة مضاعفة للطفل في العالم العربي والإسلامي وبعض دول شرق أوربا وأجزاء من قارة أمريكا الجنوبية.
تشخيص حالة «الطفولة» مثبت ولا يحتاج إلى إعادة شرح أو إيضاح أو إلى مزيد من المؤتمرات والندوات، إنما هناك أولوية مهمة لا بد للجميع أن يشرع فيها، على نحو تقدم الضروريات قبل الكماليات، بمعنى أن مطالب الطفل في العالم النامي أو المتأخر أو الثالث تنحصر دائماً في توفر احتياجاته من الغذاء والدواء والتعليم، لأن ما يُلْحَظ الآن على هذه الاحتفالات ب»اليوم العالمي للطفل» أن الجميع يتظاهر بأي إنجازات ممكنة في حقل الطفولة، إلا أنه من الأهمية أن نميز بين بلد وآخر في مجال خدمة الطفل بكافة تنوعاتها وتحولاتها ليصبح الجميع أغنياء وفقراء في خدمة الطفولة.