ما تعانيه الساحة العربية هو تدخل القوى الإقليمية في القضايا العربية حتى أصبح التأثير الإقليمي مزاحماً إن لم يكن أكثر من التأثير العربي، حتى أن بعض الأقطار العربية تتحرج في اتخاذ قرار يغضب دولة إقليمية، التي لا يتوانى مسؤولوها في دس أنوفهم في الشأن الداخلي العربي، كما يحصل في لبنان والعراق من قِبل الجارة إيران.
هذه المعاناة، وبدلاً من اعتراضها وتقوية الوجود العربي وبناء قاعدة قوية تؤسس لصياغة القرار العربي، تخرج علينا الاجتهادات التي تعمل على توسيع «شق التدخل الإقليمي» في الشؤون العربية، ومنحه الشرعية التي تجعله أكثر شراسة في تدمير القرار العربي من خلال شرعنة المشاركة في صنع القرار العربي، عبر ما يسمونه تطوير منظومة العمل العربي المشترك، الذي ترى فيه الدوائر السياسية العربية غير المتورطة في تفاهمات مع القوى الإقليمية، التي يطلق عليها من صاغ المقترح الجديد في جامعة الدول العربية «دول الجوار»، توسيعاً لدائرة التدخل في الشأن العربي، وهو ما دفع المملكة والأردن والكويت إلى رفض هذا المقترح وليس التحفظ عليه كما أشاعت المصادر المرتبطة بذلك المشروع، الذي لا يطور منظومة العمل العربي المشترك بقدر ما يُدخله في دوامة أخرى تضاعف في عرقلة العمل العربي المشترك من خلال فتح نوافذ لأطراف إقليمية لا تخدم إلا استراتيجياتها ومصالحها وأطماعها أو أن تكون أدوات لخدمة مصالح دولية على حساب المصلحة العربية العليا.