إذا كان من حق أي دولة سن التشريعات التي تراها مناسبة لتنظيم وحماية حقوق مواطنيها داخل إقليمها، وهذا ما يطالب به الجميع هنا لحماية حقوق المواطنين السعوديين في العمل والحد من مضايقة الأيدي العاملة الوافدة سواء بسعودة المهن التي يمكن شغلها بمواطنين، أو فرض رسوم إضافية على من يرغب تشغيل عمالة وافدة، فإن هذا الحق إذا تعدى أثره إقليم الدولة وفرض التزامات أو أضر بمصالح أطراف أخرى فمن حق الطرف المتضرر اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية حقوقه، والمطالبة بوقف الإجراءات التي أضرت بمصالحه.
فالحكومة الفلبينية لها الحق السيادي بتنظيم شئون عمالتها المهاجرة، لكن ليس من حق سفارتها بالرياض فرض إجراءات على المواطنين السعوديين تتعارض مع الأنظمة السعودية أو عادات وتقاليد المجتمع السعودي رغم الخبرات المتراكمة التي اكتسبتها السفارة بالأنظمة والتقاليد السعودية.
وحزمة الإجراءات التي فرضتها السفارة على المواطنين السعوديين الذين يرغبون في استقدام عاملات الخدمة المنزلية من الفلبين، كاشتراط حضور صاحب العمل بنفسه للسفارة، وإحضار شهادة خلو سوابق من الشرطة، ووصف لموقع المنزل، والإفصاح عن عدد أفراد الأسرة والراتب، والتعهد بمنح العاملة إجازة نهاية الأسبوع، جميعها تمثل مخالفة لأنظمة المملكة السارية.
فنظام الاستقدام بالمملكة لا يشترط على صاحب العمل تقديم شهادة خلو من السوابق لمنحه تصريح الاستقدام. فالأصل أنه مواطن صالح حتى يحدث ما يثبت العكس ويكون الجزاء منعه من الاستقدام إذا أساء لمن يعمل لديه. والأنظمة لا تلزم المواطن قضاء متطلباته بنفسه بل تجيز له الاستعانة بمكاتب الخدمات المرخصة. ولا يوجد في نظام العمل السعودي ما يلزم الأسرة السعودية منح العاملة إجازة نهاية الأسبوع، بل يجب أن تعاملها كجزء من أفراد العائلة عليها واجب المحافظة عليها . ويتحمل صاحب العمل المسؤولية الكاملة عن عاملته. ولا تسمح للعاملة بالمغادرة دون أن تقر حضورياً أمام السلطة المختصة أنها لا تطالب صاحب العمل بأية حقوق مادية أو غيرها (وقد كان لنا شرف اقتراح هذا النظام والمشاركة في سنة).
وعليه، نستطيع القول إن الإجراءات التي اتخذتها السفارة الفلبينية تعد مخالفة لاتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية التي تلزمها باحترام أنظمة الدولة المضيفة، وعادات وتقاليد المجتمع فيها. وعلى الجهات المختصة الطلب من السفارة وقف تلك الإجراءات فوراً. أو تطبيق إجراءات من باب المعاملة بالمثل كتعليق استقدام العمالة الفلبينية بمجملها حتى ترفع تلك الاجراءات. أو فرض إجراءات مماثلة بإلزام من يرغب العمل بالمملكة مراجعة السفارة السعودية في مانيلا بنفسه. وتقديم نسخة من السيرة الذاتية، وشهادة خلو سوابق. وضمانات لحماية حقوق أصحاب العمل السعوديين عند الهروب أو رفض العمل دون مبرر.