العربية نت هي النسخة الإلكترونية من قناة العربية. وقد كانت إلى عهد قريب تنافس الصفحات الإلكترونية لمواقع أوثق وأشهر القنوات الإخبارية العالمية كالبي بي سي والسي إن إن في انتقائها للمقالات الصحفية الهادفة والموثقة معلوماتياً وفكرياً، حتى طاف عليها طائف بليل أدخلها نادي الصحافة الشعبية والقيل والقال. هذا النوع من الصحافة الشعبية له جمهوره الواسع وله كُتَّابه الشعبيون ولكنها صحافة غير جادة من أجل التسلية وإضاعة الوقت بينما صحافة الجودة هي التي تُبنى عليها السياسات الهامة وتؤخذ باعتبار عند واضعي السياسات.

في خلال الأسابيع الماضية أصبحت العربية نت منبراً لنشر الرأي الذي يؤيّد وجهة نظر واحدة دون أي تمثيل للرأي المخالف. فقد نشرت العربية نت في الأسابيع الأخيرة فقط ما يزيد عن 14 مقالاً لكُتّاب من صحف مختلفة تدور مواضيعها في دعم وجهة نظر واحدة - ورأيهم محترم- ولكن من المؤسف انحياز العربية نت التي لم تنقل ولو مقالاً واحداً لأي من المخالفين لهذا الرأي رغم أن المخالفين من الكُتَّاب هم من المتخصصين كالدكتور فواز العلمي، رئيس الفريق السعودي في مفاوضات السعودية في الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، والذي كتب خمسة مقالات علمية رائعة في ذلك. وفي تطور أبعد من ذلك فقد أصبحت العربية نت منبراً للهجوم على نمط صحافة التابليود والقيل والقال على أي كاتب يخالف الرأي التي تبنته العربية نت. فمن ذلك مقالات شعبية اختارها الموقع ضل عنها التسديد والتوفيق تتهم المخالف لرأي العربية نت بأنه «مستعجل ومدوّر عيشه»، بل تطعن في درجاته العلمية التي تبنتها جامعته وتنسب فضلها إلى غيرها. كيف تنشر وتختار العربية نت مقالاً يزيّف الحقائق ويدّعي كاتبه أنه لا يوجد من كتب خلاف الرأي الذي تبنته العربية نت إلا مقال واحد، بينما قد كتب كثيرون من المتخصصين عكس هذا الرأي. فما ذنب جمهور العربية نت أن يُضلَّل بسبب أن هذا الكاتب لا يقرأ إلا المقالات الشعبية وأحاديث المنتديات أو ما يناسب توجهه أهكذا أصبحت العربية نت موقعاً للانحياز والشعبية!

ولو أن اتجاه قناة العربية الإخبارية مع ما يُنشر من مقالات مختارة هو نفس ما تنشره صفحتها الإلكترونية، لقلنا هم أعرف بشئون دنياهم، (في الانحياز لا في الانحدار). ولكن القناة لم تفتأ جهداً في دعم وجهة النظر المخالفة لما تتبناه العربية نت. فمن المؤلم أن نرى وجه قناة العربية الإلكتروني يتم تشويهه دون استشعار لعظم المسئولية، فقناة العربية تبني وصفحتها الإلكترونية تهدم.

أنظار العالم العربي قاطبة تتجه إلى موقع العربية الإلكتروني لتقرأ صفوة مقالات الكتَّاب العرب فترى صحافة الإثارة والقيل والقال، ومن كُتّاب سعوديين ليعتقد القارئ العربي أن هذا هو أفضل ما عندنا، فقد أصبح كل من أراد أن يظهر في العربية نت كتب مقالاً شعبياً يؤيّد وجهة نظرها أو يشتم مخالفها. إن الانحياز إلى المقالات التي تختزل الخلاف حول أمور عظيمة في رأي واحد أو في اتهام للنيات «مستعجل ومدوّر عيشه» «وإدخال العائلة في النزاع والاستهزاء بالأنثى» ليس مكانها في العربية نت، بل مكانها في صفحات المنتديات الشعبية، قناة العربية هي الوجه الدولي للإعلام السعودي، وهو وجه مشرف، فمن المؤلم أن تفقد مصداقيتها في الأخبار وموازنتها في عرض الآراء وأن تفقد أدبها الإعلامي الذي يترفع عن الهابط من الأقوال والكتابات، فإنه مما سكت عنه أن كثيراً ممن يملأ الدنيا زعيقاً وصياحاً مطالباً المجتمع بالنزاهة والأمانة، عادة ما يرسب في أول اختبار له عندما يُسلّم أمانة المسئولية فسرعان ما تراه يسخّر هذه الأمانة لتحقيق أهدافه الخاصة ولو كان في ذلك هدم وضرر لما اؤستُئمن عليه، وما نراه في دخول العربية نت إلى نادي التابلويد أخيراً أكبر شاهد على ذلك.