لا يستطيع أيٌّ منا الحُكْم على المعلومة أو محاكمة مصدرها دون الاتكاء على معطيات حقيقية (حية) هي الفيصل في معادلة القبول أو الرفض.
منذ مدة وأنا أتابع بدقة ما يُنشر في وسائل الإعلام عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحاولت جاهداً أن أفرغ ذهني لأكون خير راصدٍ لهمِّها؛ وبعين المتفحص لا الراصد أقول: إن كثيراً مما كُتب عن القضايا المثارة حول الهيئة فيه تحاملٌ واحتقان شديد - وهذه مشكلة لا بد من حلها - فتساق المعلومة بقالبٍ سلبي يجبر من يقرؤه على إصدار حُكْمٍ فوري لا شعوري على هذا القطاع (الحيوي)!، وهذه (الشرهة) المبطنة هي سبب المبالغة أو التهويل الذي يقود في نهاية الأمر إلى الخلط بين الأبيض والأسود.
الإشكالية تكمن في تأثير مثل هذه الحكايات (الأسطورية) على بعض (الحكواتية) الذين يفرحون بمثل هذه القصص (المغلوطة)؛ ليشرعوا في بثها بشكل دوري وفي كل مناسبة عامة، وبلا شك أن هذه السلوكيات لا تخدم أي قضية كانت بل تزيد الطين بلَّةً.. في هذا السياق أقولها وبصراحة إنني فشلت في معرفة سر تلذذ هؤلاء القوم ب(حش) الهيئة، ولكنني على يقين بأنها جزء من تلك السلوكيات المنحرفة التي يتبناها بعض أصحاب العاهات اللسانية في مجتمعنا (البريء).
لا أريد أن أتحدث عن المثاليات ل(أطبل) لها؛ فمجتمعنا قد وصل إلى مرحلة متقدمة يمكنه من خلالها أن يميز بين الخطأ والصواب، ومن الصعب جداً تضليله أو إسدال ستارٍ أسود على عينيه، ومع ذلك يصر البعض على إعماء هذه الرؤية تماماً ليجبر الجميع على مشاهدة ما يريده هو فقط؟!.
كنت في أحد المطاعم (المشهورة) داخل مدينة الرياض، وشاهدت على الطبيعة موقفاً لرجال الهيئة مع أحد الأشخاص المشتبه بهم، فدخل الأعضاء إلى المطعم؛ ليتحدث مع المسؤول عنه ويطرح عليه بعض الأسئلة، وبهدوء شديد تم إخراج شاب دخل خلسة إلى المكان المخصص للعوائل، ومن دون مبرر. ما دعاني إلى الحديث عن ذلك ما سمعته (مصادفة) عن تلك الحكاية من سرد غير مقبول لأحداثها (الساكنة)، وكيف أن بعض (المرضى) يفاقم من تلك الحبات الصغيرة ليجعل منها قبة كبيرة لا يمكن أن تسترها أي حقيقة.
فهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قطاع حكومي يهدف إلى حماية المجتمع وحفظه من كل ما يُسيء إليه، ويجب على كل فرد من هذا المجتمع أن يكون عوناً له لا عليه.