Al Jazirah NewsPaper Tuesday  14/09/2010 G Issue 13865
الثلاثاء 05 شوال 1431   العدد  13865
 
العودة ونقطة اللاعودة !
عبد الله الدوسي

 

المتابع لمسيرة هذا الرجل الذي طالما زلزل القلوب وجند العشرات وألّف بين قلوبهم زمناً ليتحدوا ضد ثوابت معيّنة تنكّر للعديد منها، بعد أن كان يعتنقها وأكد عليها في محاضرته الشهيرة في أوائل التسعينات (ثبات حتى الممات)، يلحظ اليوم هذا التحوُّل غير المتوقّع الذي غيّر بدوره كثيراً من أفكار تلامذته ومعارضيه على حد سواء.

وبقناعة يبدو أنها وصلت إلى درجة كبيرة من القوة، وعقلانية متسامحة غابت كثيراً عن فكره، يبدو أنّ الشيخ العودة وصل إلى نقطة اللاعودة في مشوار التغيير الذي بدأه بنفسه أولاً كخطوة منطقية انطلق منها إلى محاولة التغيير الشامل في شتى المجالات وشتى الأفكار والعادات والتقاليد والمسائل العامة والخاصة محلياً وقطرياً وعالمياً أيضاً، غير آبه أبداً بمن يزايد على وسطيته وقناعاته وتوجُّهه، وفي تقديري أنّ الشيخ سلمان يُعَد أنموذجاً جيداً ومثلاً صارخاً للفكر الوسطي الذي طالما نبذه هو وزمرة من الدعاة الغلاة الذين تنكبوا الحق زمناً واستغشوا ثيابهم ولم يروا حلاً لأي حدث وأي أزمة إلاّ ب «الجهاد» زعماً والقتال وسفك الدماء كما تفعل القاعدة اليوم بكل ظلامية وهمجية وغوغائية مقيتة، لم يجدوا لها بديلاً ولم يبتغوا عنها حولاً !

إنّ مثل هذا الفكر النير «المسترخي» الذي يخاطب العقول لا القلوب، وينقي الأنفس مما اثقلها من موروث فاسد في شتى المجالات، وأفكار معلبة مغلوطة، يخلق جيلاً أكثر وعياً وأكثر عقلانية ونضجاً فكرياً واجتماعياً وثقافياً، وهذا ما كان ينبغي منذ زمن بعيد كمنهج دعوي شامل، يعد لجيل واعٍ متفتح نقيّ النفس والقلب والعقيدة !

من القصص الطريفة التي قرأتها مؤخراً أنّ امرأة أرادت أن تتعلم من جارتها طريقة قلي السمك وإعداده، فرأتها تقطع رأس السمكة وذيلها، وعندما سألتها عن السبب أفادت أنها لا تدري ولكنها كانت ترى أمها تفعل ذلك، وبسؤال الأم أفادت أيضاً أنها لا تدري عن السبب ولكنها كانت ترى أمها (الجدة) تفعل ذلك، وبسؤال الأخيرة أفادت أنّ «مقلاتها» لم تكن واسعة بما يكفي لقلي السمكة كاملة !! وهذا يعني أننا نتوارث أموراً لا ندري سببها ولا مبعثها ولا فائدتها أو ضررها ! وهنا يكمن الخطر وتبرز العلة، وبسبب هذا السلوك السلبي قد نظلم ونبتدع ونجهل ويُجهل علينا، ونعيش في ظلامية فكرية وانجراف عبثي لعقود طويلة وراء زيف وظلال ونحن نحسب أننا نحسن صنعاً ! لهذا فالتغيير الذي يقود قطاره هذا العملاق يُعَد أمراً محموداً ونهجاً سليماً أتمنى أن يعتنقه البقية الذين لايزال الكثير منهم يقطع رأس السمكة وذيلها !!

الرياض


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد