يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (13) سورة الحجرات.. توضح لنا الآية الكريمة هنا أن الزواج آية من آيات الله تعالى ونعمة من نعمه.. لذا أوصى الدين الإسلامي الشباب إلى الزواج.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
بهذه النصوص القرآنية والإرشادات النبوية يتضح لنا أهمية الزواج وفضله.. وأن نحد من ظاهرة العنوسة التي بدأت في الاطراد وارتفاع معدل العنوسة في أكثر المجتمعات، والعنوسة كما هو معروف التأخر عن الزواج لأيّ ظرف من الظروف.. والعنوسة مشكلة خطيرة أصابت كثيراً من المجتمعات وإن تفاوتت في نسبة ظهورها وخطورتها من مجتمع لآخر تبعاً لظروفه الاقتصادية أو التركيبة السكانية أو عاداته وتقاليده.. وللعنوسة آثارها النفسية على كل أسرة فيها عانس. حيث يتولد عند هذه الأسرة القلق النفسي والتفكير المستقبلي، وكلما مرت السنوات بدأ الخوف، وقد يتعدى هذا الخوف إلى أبعد من ذلك وهو الخوف من نظرة الناس السلبية للعانس؛ وقد تفسر بغير معناها الحقيقي وقد تفند بعض الأفكار في بعض المجتمعات إلى أن هذه الأسرة التي فيها عانس إنما هي تخفي شيئاً غير محمود داخل أروقة هذه الأسرة فتكون هذه الأسرة هدفاً للاتهامات غير المبررة والجائرة أحياناً، لذا يجب علينا أن نعرف المسببات والحلول الناجعة لتفادي مثل هذه المشكلة في مجتمعنا ولنذكر بعضاً من المسببات وحلولها.. ومنها ما يلي:
1- المهور وكلفة الزواج المادية جعلت الشباب يقفون مكتوفي الأيدي وعدم الإقبال على الزواج، لذا يجب على أولياء الأمور أن يبسطوا من هذه المغالاة في المهور وتحفيز الشباب على الإقبال على الزواج بكل يسر وعقلانية، فالهدف الأسمى للزواج إنما هو الاستقرار والتوافق وبناء مجتمع صالح.
2- عدم توفر المجال الوظيفي للشباب أو طرق الكسب المشروعة لكي يتسنى للشاب أن يوفر متطلبات مستقبلية آمنة تدفعه للاستقرار النفسي والاجتماعي.
3- وجود فجوات بين طبقات المجتمع حالت دون تقريب المسافات بين كل أفراد المجتمع حتى لا يكون الاختلاف الطبقي مبرراً لعدم الزواج من صاحب الخلق والدين، وقد أرشدنا إلى ذلك نبي الأمة حينما قال: (من ترضون دينه وأمانته فزوجوه) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
4- اعتذار كثير من الفتيات عن الزواج المبكر بحجة إكمال الدراسة والتعليم، وهذا لا يتنافى مع المصير الطبيعي وهو الزواج وعليها أن تدرك عدم التعارض بين دائرة العلم والعمل ودائرة الزواج والأسرة.
5- التشدد في تحديد مواصفات عش الزوجية من أثاث وكماليات وإقامة حفلات وتحديد قصور أفراح تفوق قدرة الشباب على تخطيها وبهذا نكون قد أغلقنا نافذة الشروع أو الترغيب في الزواج.. وهكذا أصبح المجتمع العربي يتخبط بين عاداته ويتجسد ذلك في عدم تفهم الأسرة للتحولات الاقتصادية وما صاحبها من أزمات وتغيرات اجتماعية.. وبهذا تحولت مشكلة العنوسة إلى مشكلة مادية بحتة.. فقد تغير منظور الفتاة لفارس أحلامها وخلقه ودينه إلى صاحب منصب وسيارة فارهة وأثاثاً تتفاخر به أمام أقرانها وأهلها متناسية الزمن البيولوجي الذي يقضي على فرصة الإنجاب وبالتالي العقم الذي يعتبر أغلى شيء في حياتها، فقد يبدأ عند بعض النساء ابتداء من بلوغهن 35 عاماً فأكثر وبهذا تكون حرمت نفسها من الأمومة التي هي هاجس كل أنثى ونشوة حياتها واستقرار حياتها. وهنالك الكثير والكثير ولكن لا مجال لذكرها الآن.. لذا أهيب بكل ولي أمر وفتاة أن يغيروا من بعض العادات والإقلال من كلفة الزواج والتيسير في المطالب والتقيد بالشريعة الإسلامية والهدي النبوي فكلكم راع ومسؤول عن رعيته.
أبها
drali0000@hotmail.com